وإذا فهو جائز ; لأنه استقرض منه قدر خمسة دراهم فضة ، وقد صار قابضا لها بالاختلاط بملكه ، ألا ترى أنها لو هلكت بعد الخلط هلكت من مال الآمر ، ثم استأجره للعمل في ملكه ببدل معلوم ، وهذا بخلاف ما إذا لم يدفع إليه فضة ، وقال : صغ لي من عندك عشرة دراهم فضة قلبا ، على أن أعطيك أجر كذا فهو باطل ; لأن فضة العامل في يده ، ألا ترى أنها لو هلكت تكون من ماله ، فيكون فيه عاملا لنفسه ، ولو اختلفا فقال الدافع : كانت فضتي اثني عشر درهما ، وأمرتك أن تزيد فيها ثلاثة ، فقال المدفوع إليه : بل كانت عشرة ، وأمرتني فزدت خمسة ، وفي القلب خمسة عشر ; فالقول قول المدفوع إليه ، أنه زاد خمسة ; لأن الخلاف في مقدار ما دفع إليه من الفضة ، فالدافع يدعي عليه الزيادة [ ص: 78 ] والمدفوع إليه ينكر ، فالقول قوله مع يمينه ، ثم المدفوع إليه يدعي أنه أمره أن يزيد فيها خمسة ، والدافع ينكر الأمر فيما زاد على الثلاثة ، فالقول قوله مع يمينه ، فتبين أنه زاد درهمين فوق ما أمره به ، فكان مخالفا لأمره ، ضامنا للدافع مثل فضته ، فيكون له ذلك ; لأنه أقام العمل المشروط عليه وزاد ; فإذا رضي بالزيادة استوجب العامل كمال أجره ، ولو كان القلب محشوا لا يعلم ، وزنه ، ولا يعرف ، واتفقا أنه أعطاه عشرة ، وأمره أن يزيد فيه خمسة ، فقال الدافع : لم تزد فيه شيئا ، وقال العامل : قد زدت فيه خمسة ; فالقول قول الدافع ; لأنه ينكر القبض بحكم القرض ، فإن شاء العامل سلم القلب له ، وأعطاه الآمر من الأجر بحساب ذلك ، وإن شاء أعطاه فضة مثل فضته ; لأن اليد له فيه فله أن لا يخرج القلب من يده ; إذا كان ما زاد فيه ، وهو الخمسة بزعمه لا تصل إليه ; فإذا احتبس عنده ضمن للدافع فضة مثل فضته ، بعد أن يحلف الآخر ما يعلم أنه زاد فيه خمسة ; لأنه لو أقر بذلك لزمه ; فإذا أنكر فيستحلف عليه دفع إليه عشرة دراهم فضة ، وقال اخلط فيها خمسة دراهم فضة ثم صغها قلبا ، ولك كذا ففعل
ولو اتفقا على أنه زاد فيه خمسة ، فقال الآمر : كانت فضتي بيضاء ، وأمرتك أن تزيد فيها فضة بيضاء ، وقال العامل : كانت سوداء ، وأمرتني أن أزيد فيها فضة سوداء فالقول قول العامل ; لأن الاختلاف في صفة المدفوع إليه ، ولو اختلفا في مقداره ; فالقول قوله ، فكذلك في صفته ، وإن اختلفا في الأجر : في المقدار ، بأن قال الدافع : عملته بغير أجر فالقول قول الدافع ; لإنكاره وجوب الأجر في ذمته ، أو الزيادة على ما أقر به .