وإذا لم تجز الكفالة الثانية ; لأن بالكفالة الأولى اشتغلت جميع مالية العبد بحق المكفول له وشرط صحة الكفالة : فراغ المالية . فإذا لم يوجد ذلك عند الكفالة الثانية ; لم يصح كما لو أقر المولى عليه بدين بقدر [ ص: 16 ] قيمته ثم بدين آخر فإن زادت قيمته حتى بلغت ألف درهم ثم كفل بألف أخرى بإذن مولاه فهو جائز ; لأن شرط صحة الكفالة الثالثة قد وجد وهو فراغ المالية عندها بقدرها فإن قيل : إذا زادت قيمته لماذا لم تشتغل هذه الزيادة بالكفالة الثانية حتى لا تصح الكفالة الثالثة ؟ قلنا : لأن شرط صحة العقد إنما يعتبر عند وجود العقد ; لأنه يتعذر اعتبار ما بعده فإن القيمة تزداد تارة وتنتقص أخرى ; فلهذا صححنا - باعتبار هذه الزيادة - الكفالة الثالثة دون الثانية . فإن باعه القاضي بألفي درهم فإنها تقسم بين المكفول له الأول والمكفول له الآخر نصفين ; لصحة هاتين الكفالتين ولا شيء للأوسط ; لأنه كفل له وليس في قيمته فضل فلم تصح الكفالة له . كفل العبد وهو يساوي ألف درهم بإذن سيده بألف درهم ولا دين عليه ثم كفل بألف أخرى بإذنه أيضا
ولا مزاحمة بين الصحيح والفاسد ، وكذلك لو باعه بألف وخمسمائة أو بألف درهم ; لأن الكفالتين - يعني : الأولى والثانية - استوتا في الصحة والمقدار فما يحصل من ثمن العبد - قل أو كثر - فهو بينهما نصفان حتى يستوفيا حقهما فإن فضل شيء بأن باعه بألفين وخمسمائة أو بثلاثة آلاف ; فالفضل للثانية ; لأن هذا الفضل حق المولى قد رضي بصرفه إلى الكفالة الثانية حين أمره أن يكفل بها .
( ألا ترى ) أن العبد المديون لو كفل بإذن مولاه ثم سقطت ديونه بالأداء ; يصرف كسبه ورقبته إلى دين المكفول له فكذلك هنا