الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو ادعى رجل قبل رجل كفالة فقال : أخذك غلامي حتى كفلت لي بفلان وجحد الكفيل ذلك ; فإنه يحلف على ذلك ; لأنه لو أقر به لزمه تسليم النفس إليه ، وإن كانت الكفالة له بحضرة غلامه دونه فإن أنكر يستحلف عليه لرجاء النكول . وإذا طلب مدعي الكفالة بنفس أو مال أن يحلف الكفيل بالله ما كفل ; لم يحلف كذلك ولكنه يحلف بالله ما له قبلك هذه الكفالة ; لأن الإنسان قد يكفل لغيره ثم يبرأ من كفالته بسبب فلو حلفه القاضي ما كفل يضر به ; لأنه لا يمكنه أن يحلف ، وإن كان هو محقا في إنكاره الكفالة في الحال والقاضي مأمور بالنظر للخصمين فلهذا يحلفه بالله ما له قبلك هذه الكفالة ، وكذلك هذا في كل دين ومال وديعة وعارية وشراء وإجارة [ ص: 119 ] فإنه لا يحلف : ما اشتريت ولا استودعك ولا أعارك ولا استأجرت منه ولكن يحلف بالله : ما له قبلك ما ادعى به . وعن أبي يوسف - رحمه الله - أنه قال : هذا إذا عرض المدعى عليه فقال : أيها القاضي قد يكفل الإنسان ثم يبرأ منه فلا يلزمه شيء فأما إذا لم يشتغل بهذا التعريض فإنه يحلف بالله ما كفلت ; لأنه إنما يستحلف على جحوده وقد جحد الكفالة أصلا فيحلف على ذلك فإذا عرض فقد طلب من القاضي أن ينظر له فعلى القاضي إجابته إلى ذلك ، وإن لم يعرض ; فهو الذي لم ينظر لنفسه فلا ينظر القاضي له ولكنه يحلفه على جحوده وفي ظاهر الرواية قال : هذا التعريض لا يهتدي إليه كل خصم وعلى القاضي أن يصون قضاء نفسه عن الجور ونفسه عن الظلم فيحلفه على ما بينا عرض الخصم أو لم يعرض .

ولو قال الكفيل للقاضي : حلف الطالب أن له قبلي هذه الكفالة فإني أرد عليه اليمين فإنه لم يرد عليه اليمين ; لأن الشرع جعل اليمين على المنكر فإذا رددت اليمين على المدعي ; فقد خالفت الأثر . وقد بينا هذا في الدعوى . ولو جاء الطالب بشاهديه على قوله فقال المطلوب : استحلفه بالله لقد شهدت شهوده على حق ; لم أستحلفه على ذلك ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل البينة على المدعي . فإذا جعلت عليه مع البينة يمينا ; فقد جعلت ما لم يجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ممتنع . والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية