الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وكذلك التهايؤ في الدارين على السكنى والغلة جائز وكان الكرخي رحمه الله يقول : المراد إذا تراضيا عليه فأما عند طلب بعض الشركاء فالقاضي لا يجبر على ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله بمنزلة القسمة للعين وقد بينا في كتاب القسمة أن قسمة الجبر لا تجري في الدور عند أبي حنيفة رحمه الله بهذه الصفة فكذلك التهايؤ وإلا ظهر أن القاضي يجبر عليه عند طلب بعض الشركاء ; لأن القسمة في المهايأة تلاقي المنفعة دون العين ومنفعة السكنى تتقارب ولا تتفاوت إلا يسيرا بخلاف قسمة العين فالمعادلة في المالية هناك معتبرة والدور [ ص: 172 ] تختلف في المالية باختلاف المكان والجيران ولهذا كان لكل واحد منهما أن يؤاجر ما في يده ويأكل غلته ; لأن المنفعة سالمة له بهذه القسمة باعتبار قديم ملكه .

( ألا ترى ) أن في الدارين إذا غلت ما في يد أحدهما أكثر مما غلت ما في يد الآخر فليس لواحد منهما أن يرجع على صاحبه بشيء بخلاف الدار الواحدة فهناك إذا تهايآ فيها على الاستغلال فكانت غلة نصيب أحدهما في نوبته أكثر فذلك الفضل بينهما ; لأن في الدارين معنى القسمة والتميز بالتراجع على معنى أن كل واحد منهما يصل إلى المنفعة والغلة في الوقت الذي يصل إليه صاحبه فما يستوفيه كل واحد منهما عوض عن قديم ملكه يستوجبه بعقده فيسلم له وفي الدار الواحدة كل واحد منهما بمنزلة الوكيل من صاحبه في إجارة نصيبه في نوبته إذا تهايآ على الاستغلال فإنما يكون ذلك بالزمان وأحدهما يصل إلى الغلة قبل وصول الآخر إليها وذلك لا يكون قضية القسمة فلا بد أن يجعل كل واحد منهما بمنزلة وكيل عن صاحبه وما يقبضه كل واحد منهما عوض عما يقبض صاحبه من عوض نصيبه فعند التفاضل يثبت التراجع فيما بينهما ليستويا ويوضح هذا أن الفرق على ما ذهب إليه الكرخي رحمه الله أن في المهايأة في الدارين يعتمد التراضي عند أبي حنيفة رحمه الله ظاهر وعندهما قسمة الجبر في الدارين عند أبي حنيفة رحمه الله لا تجري إلا إذا رأى القاضي المصلحة فيه وعند التراضي يسلم لكل واحد منهما ما رضي به صاحبه وفي الدار الواحدة لا يعتبر التراضي في المهايأة فلا بد من اعتبار المعادلة فيما هو المقصود بالمهايأة فلهذا يتراجعان فضل الغلة

التالي السابق


الخدمات العلمية