الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا مات الرجل فأوصى بثلثه لرجل وترك ورثة وفيهم الصغير والكبير فطلب الموصى له موصيه فصالحه بعض الورثة على دراهم مسماة على أن يسلم له ذلك خاصة دون بقية الورثة فإن كان الميراث ليس فيه مال غائب ولا عين حاضرة يكون ثلثه مثل ذلك فإني أجيز الصلح إذا كان المال المعين في يد المصالح أو كان الميراث رقيقا أو عقارا ; لأن الموصى له شريك الوارث في التركة فصلح الوارث معه كصلح أحد الوارثين مع الآخر وفي نظير هذا صلح أحد الوارثين مع الآخر على أن يكون نصيبه له صحيحا فكذلك صلح الوارث مع الموصى له فإن كان في الميراث دين لم يجز ذلك ; لأن ثلث ذلك الدين صار للموصى له بالثلث فهو يملك ذلك من الوارث يأخذ منه عوضه وتمليك الدين من غير من عليه الدين بعوض لا يجوز ، وإن كان عين ثلثه مثل ما أعطى أو أكثر لم يجز الصلح مراده بالعين النقد من الذهب والفضة وإذا وقع الصلح على جنس ذلك ومقدار حقه من ذلك الجنس مثل ما استوفى أو أكثر فهذا الصلح يكون ربا وقد بينا فساد ذلك فيما بين الورثة فكذلك فيما بين الوارث والموصى له وإذا كان المال المعين في يد الوصي وكان ما أعطى الوارث الموصى له أكثر من ثلثه جاز ذلك إذا قبض الوارث ذلك من الوصي قبل أن يتفرقا وإن تفرقوا قبل أن يقبض الوارث المال المعين من يد الوصي ينقص من الصلح حصة المال المعين ; لأن العقد في تلك [ ص: 182 ] الحصة قد صرف ويد الوصي يد أمانة فلا يصير الوارث قابضا بحكم الصرف بيد الوصي وإذا افترقا قبل أن يقبض ذلك منه فقد افترقا من المجلس قبل قبض بدل الصرف فيبطل الصلح في حصة ذلك ويجوز فيما سواه ، وكذلك إن صالحه على دنانير ; لأن في حكم الصرف ووجوب القبض في المجلس لا فرق بين أن يكون العقد متناولا لجنس واحد من النقود أو جنسين

التالي السابق


الخدمات العلمية