الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كان لرجل على عشرة رهط ألف درهم وجعل كل أربعة كفلاء عن أربعة بجميع المال ; فهو جائز لما قلنا . وله أن يأخذ أي أربعة شاء بالمال كله ; لأنهم هكذا التزموا بالكفالة فإن أخذ واحدا منهم رجع بثلثمائة وخمسة وعشرين ; لأنه في المائة أصيل ، وفي الباقي - وهو سبعمائة - هو مع ثلاثة نفر كفيل عن الباقين ، فحظه ربع ذلك . وذلك مائتان وخمسة وعشرون ، وإن أخذ اثنين أحدهما بستمائة ; لأنهما في المائتين أصيلان وفي الباقي وهو ثمانمائة هما مع آخرين كفيلان عن الباقين فحظهما النصف وهو أربعمائة ، وإن أخذ ثلثمائة منهم ; أخذهم بثمانمائة وخمسة وعشرين .

أما مقدار ثلثمائة بحكم الأصالة فإن كل واحد منهما أصيل في مائة والباقي وهو سبعمائة هم مع آخر كفلاء بذلك عن الباقين فعليهم ثلاثة أرباع ذلك وهو خمسمائة وخمسة وعشرون فإن أخذ واحدا منهم فأدى ربع الألف ; فإن مائة منها حصته ; لأنه أصيل فيها . والأصيل فيما يؤدي عن نفسه لا يرجع على أحد وفي مائة وخمسين هو مؤد عن أصحابه حصة كل واحد منهم من ذلك التسع . فإن لقيهم جميعا ; رجع على كل واحد منهم بقدر ذلك من تسعمائة وخمسين ستة عشر وثلثان ، وإن لقي أحدهم رجع أحدهم بستة عشر وثلثين ; لأنه أدى عنه هذا القدر ويرجع عليه بنصف ما بقي والباقي مائة وثلاثة وثلاثون وثلث نصفه ستة وستون وثلثان يرجع عليه بذلك ليستويا في غرم الكفالة [ ص: 39 ] فإنهما مستويان في الكفالة عن الباقين فينبغي أن يستويا في الغرم بسببه أيضا . فإذا أدى ذلك إليه ثم لقي الآخر منهما أحد الباقين ; أخذه بنصف تسع الخمسين والمائة ; لأنه مع الأول قد أديا عنه التسع فنصفه من ذلك نصف التسع ، فيرجع عليه أيضا بنصف ثلاثة أتساع ونصف ; لأنه مع هذا الذي لقيه مستويان في الكفالة . فينبغي أن يستويا في الغرم عن السبعة الباقين وهذا قد أدى عنهم ثلاثة أتساع ونصفا فيرجع عليه بنصف ذلك ليستويا في غرم الكفالة فإن لقي الأول الأوسط بعد ما قبض هذا ; رجع عليه بنصف ما أخذه كله للمعنى الذي بينا أنهما حين التقيا استويا في غرم الكفالة ثم وصل إلى أحدهما بعد ذلك شيء وأخذ الآخر منه نصفه ليستويا في الغنم أيضا .

فإن لقيا الآخر بعد ذلك وهو الثالث رجعا عليه بتمام ثلاثة أتساع وثلث تسع حصته من ذلك التسع ; لأنهما تحملاه عنه وتسعان وثلث للمساواة في غرم الكفالة ; لأنهم مع آخر كفلاء عن الباقين فينبغي أن يستويا في غرم الكفالة . ( ألا ترى ) أنهما لو لقيا الثالث معا ; كان رجوعهما عليه بتمام ثلاثة أتساع وثلث تسع . فكذلك إذا أخذ أحدهما منه بعض ذلك ثم لقياه رجعا عليه بذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية