الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 170 ] قال : رحمه الله ) اعلم بأن القياس يأبى جواز المهايأة ; لأنها مبادلة المنفعة بجنسها وكل واحد من الشريكين في نوبته ينتفع بملك شريكه عوضا عن انتفاع الشريك بملكه في نوبته ولكن تركنا القياس وجوزناه للكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى { لها شرب ولكم شرب يوم معلوم } وهذا هو المهايأة وأما السنة فما روي أن الرجل الذي خطب تلك المرأة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم { فقال صلوات الله عليه ماذا تصدقها قال نصف إزاري هذا قال : صلى الله عليه وسلم ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء ، وإن لبسته لم يكن عليك شيء } وهذا تفسير المهايأة ولأن المنافع يجوز استحقاقها بالعقد بعوض وبغير عوض كالأعيان ثم القسمة في الأعيان المشتركة عند إمكان التعديل جائزة فكذلك في المنافع المشتركة ولهذا يجبر القاضي الشركاء على المهايأة إذا طلب ذلك بعضهم وأبى البعض والذي أبى لم يطلب قسمة العين والأصل أن اختصاص العقد باسم لاختصاصه بحكم يدل عليه معنى ذلك الاسم فقسمة المنافع لما اختصت باسم المهايأة فذلك دليل على اختصاصها بمعنى يدل عليه هذا الاسم وهو أن وصول نصيب أحدهما إليه يسبق وصول نصيب الآخر إليه بخلاف قسمة العين وهذا العقد ليس كالإجارة في جميع الأحكام ; لأن في الإجارة يستحق منفعة العين بالعقد وهنا ما يستوفيه كل واحد منهما بل يجعل في الحكم كأنه منفعة ملكه على ما هو موضوع القسمة من العين وكون معنى المعاوضات فيه بيعا وليس في عين العارية أيضا لهذا المعنى ولأن العارية لا يتعلق بها الاستحقاق ويتعلق بالمهايأة فمن هذا الوجه تشبه الإجارة ولكن الاستحقاق في المهايأة دون الاستحقاق في الإجارة على معنى أن هناك لا ينفرد أحدهما بالفسخ بغير عذر وهنا يملك أحد الشريكين فسخ المهايأة بطلب القسمة ; لأن الأصل فيما هو المقصود وهو تمييز الملك قسمة العين والمهايأة خلو عنه

( ألا ترى ) إن في الابتداء لو طلب أحدهما قسمة العين لم يشتغل القاضي بينهما بالمهايأة فكذلك في الانتهاء إذا طلب ما هو الأصل وهو قسمة العين لا تستدام المهايأة بينهما ثم العارية والإجارة تبطل بموت أحدهما وقسمة الشركة تبطل بموت أحدهما عند محمد وعند أبي يوسف رحمه الله لا تبطل والمهايأة لا تبطل بموت أحد الشريكين ; لأنا لو أبطلناها احتجنا إلى إعادتها فالشريك الحي أو وارث الميت طالب لذلك ولا فائدة في نقض شيء يحتاج إلى إعادته في الحال

التالي السابق


الخدمات العلمية