وإذا بطلت حصته من السلم ورجع إليه رأس ماله ; لأن إسلامه يمنعه من قبض الخمر بحكم السلم . أسلم الذميان إلى ذمي في خمر ، ثم أسلم أحدهما
( ألا ترى ) أن الخمر لو كانت مبيعا عينا بطل العقد بإسلامه قبل القبض ، فإذا كانت مملوكة بالعقد دينا أولى ، فإن لم يجز ; لأن أصل السلم كان صحيحا ، فإنما عاد إليه رأس المال بعد صحة السلم ببطلان العقد فهو بمنزلة ما لو عاد إليه بالإقالة ، وقد بينا أن الاستبدال بالمال بعد الإقالة لا يجوز . صالح من رأس ماله على طعام بعينه أو إلى أجل
ولو كان له أن يشارك المسلم فيما قبض من رأس المال ; لأن أصل رأس المال كان مشتركا بينهما ، وقد عاد إلى أحدهما بصفة بطريق لا يمكن رده ، وهو الإسلام فيكون للآخر حق المشاركة معه في المقبوض إذا توي ماله على المسلم إليه من الخمر ; لأن سلامة المقبوض له كانت بشرط أن يسلم ما بقي من الخمر للآخر ، وهو بمنزلة دين مشترك بين اثنين إذا توي لنصراني مال من هذا السلم ، فإنه يكون له أن [ ص: 52 ] يشارك صاحبه فيما قبض فهذا مثله ، ولو صالح أحدهما المديون على شيء وأجاز الآخر اتباع المديون بنصيبه ، ثم توي ما عليه فعليه قيمة نفسه في قول أعتق نصراني عبدا نصرانيا على خمر ، ثم أسلم أحدهما رحمه الله الآخر ، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله ، وفي القول الأول ، وهو قول أبي يوسف رحمهما الله عليه قيمة الخمر ، وهذا بناء على مسألة كتاب البيوع إذا أعتق عبده على جارية فاستحقت الجارية أو هلكت قبل التسليم ; لأن هنا تعذر تسليم الخمر بإسلام أحدهما بعد صحة التسمية فهو بمنزلة ما لو تعذر بالهلاك أو الاستخلاف والرد بالعيب . محمد
قال : وكذلك الخلع والنكاح والصلح عن دم العمد ، وقد بينا هذا في كتاب النكاح أن عند رحمه الله : إذا أسلم أحدهما فله مهر مثلها ، وعند أبي يوسف رحمه الله : لها قيمة الخمر والخنزير محمد رحمه الله : يفرق بين العين والدين والخمر والخنزير . وأبو حنيفة
ولو لم ينتقض السلم ; لأن الإسلام طرأ بعد قبض الحرام ، وإنما بقي من حكم العقد قبض الحنطة والإسلام لا يمنع من ذلك . أسلم نصراني خمرا إلى نصراني في حنطة وقبض الخمر ، ثم أسلم أحدهما
ولو لم يجز ; لأن رأس المال خمر والمسلم ليس من أهل أن يملك الخمر بالعقد ، ولا بالفسخ . صالح المسلم منهما على رأس ماله
( ألا ترى ) أن نصرانيا لو باع نصرانيا جارية بخمر وتقابضا ، ثم أسلم أحدهما ، ثم تعاملا لم يجز فكذلك في السلم إذا صالحا على رأس المال ، وهذا كما لا يتملك المسلم الخمر بالعقد والفسخ لا يملك قيمتها ، وبه فارق ما لو ; لأن هناك تصحيح الإقالة على قيمتها ممكن ، وإنها مال متقوم في حقه وهنا يتعذر تصحيح الإقالة على قيمتها ; لأن الخمر ليست بمال متقوم في حق المسلم ، وإذا هلك رأس المال ، ثم صالحه عليه انتقض السلم ; لأن الحرام مملوك بالعقد غير مقبوض حين طرأ الإسلام وعليه قيمة الخنزير ; لأن الخنزير ليس من ذوات الأمثال وحين استهلكه كان هو مالا متقوما في حقهما فيحول حكم رأس المال إلى قيمته . أسلم نصراني إلى نصراني خنزيرا في خمر وقبض الخنزير واستهلكه ، ثم أسلم أحدهما
( ألا ترى ) أنهما لو تقايلا قبل الإسلام وجب رد قيمة الخنزير ، وكذلك إذا أسلم أحدهما حين انتقض به السلم بخلاف الأول ، فإن الخمر من ذوات الأمثال ، ولو كان الواجب الرد مثل تلك الخمر والإسلام يمنع استحقاق تلك أو قيمتها بالإقالة للمسلم . استهلكها ، ثم تقايلا قبل الإسلام