وإذا فإنه لا يكون في الرهن ، وهما فصلان أحدهما : الزيادة ، وصورته إذا زاد الرهن دراهم من المرتهن ، وجعلها في الرهن ففي القياس : لا تصح هذه الزيادة ، وهو قول رهنه ثوبا بعشرة يساوي عشرة ، ثم زاد الراهن المرتهن ثوبا آخر ليكون مرهونا مع الأول بالعشرة ( رحمه الله ) ; لأنه لا بد من أن يجعل بعض الدين بمقابلة الزيادة ليكون مضمونا به ، وذلك متعذر مع بقاء حكم الرهن في [ ص: 97 ] الثوب الأول ; لبقاء القبض فهو نظير ما لو ناقصه الرهن أو تبادلا رهنا برهن ، على ما بينا : وهذا في الحقيقة بناء على أصل زفر ( رحمه الله ) : أن الزيادة في الثمن ، والبيع لا يثبت ملحقه بأصل العقد ، وقد بينا في البيوع ، وفي الاستحسان ، وهو قول علمائنا الثلاثة ( رحمهم الله تعالى ) وتثبت الزيادة في الرهن في حكم الدين ; لأن تراضيهما على الزيادة بعد العقد بمنزلة تراضيهما عليه عند العقد ، ولو رهنه في الابتداء يومين بالعشرة جاز الرهن ، وانقسم الدين على قيمته ، فكذلك هنا يقسم الدين على قيمة الأصل ، وقت العقد ، وعلى قيمة الزيادة وقت القبض ، وهذا بخلاف ما إذا تبادلا رهنا برهن ، فلم يوجد هناك اقتراض منهما على ثبوت حكم الرهن فيهما جميعا . زفر
توضيحه : أنه بالناس حاجة إلى تصحيح هذه الزيادة ، وربما نطق المرتهن بالابتداء أنه في الرهن ، وفاء بدينه ثم ثبت له خلاف ذلك فلا يرضى برهن ، لا وفاء فيه فيحتاج الراهن برد عين آخر ليطمئن قلبه ، والزيادة في الرهن تجوز إن ثبت حكما فإن يكون الولد زيادة تثبت في الرهن حكما فيجوز إثباته أيضا فصلا ، والفصل الثاني في الزيادة بالدين : أن المرتهن إذا زاد الراهن عشرة أخرى ليكون الرهن عنده رهنا بهما جميعا فهذه الزيادة لا تثبت في حكم الرهن في القياس وهو قول المرهونة إذا ولدت أبي حنيفة ومحمد ( رحمهم الله ) وفي الاستحسان تثبت وهو قول وزفر ( رحمه الله ) وأوجهه قول أبي يوسف أن الدين مع الرهن يتحاذيان محاذاة المبيع مع الثمن حتى يكون المرهون محبوسا بالدين مضمونا به كالمبيع بالثمن عن الزيادة في الرهن يجعل ملحقه بأصل العقد ، فكذلك الزيادة في الدين ، كما في البيع فإن الزيادة في الثمن ، والمبيع ثبتت على سبيل الالتحاق بأصل العقد ، وهنا مثله . أبي يوسف
وكما أن الحاجة تمس إلى الزيادة في الرهن فقد تمس الحاجة إلى الزيادة في الدين ، بأن يكون في مالية الرهن فضلا على الدين ، ويحتاج الراهن إلى مال آخر فيأخذه من المرتهن ليكون الرهن رهنا بهما ، وهذا بخلاف المسلم فيه فالزيادة في المسلم فيه لا تجوز ، وإن كانت تجوز في رأس المال ; لأن جواز السلم بخلاف القياس فإنه بيع المعدوم ، وإنما جعل المسلم فيه كالموجود حكما لحاجة المسلم إليه ، والزيادة في رأس المال بين حوائج المسلم إليه فأما فليس من حوائج المسلم إليه في شيء فلا يظهر هذا العقد فيه فأما جواز الزيادة في المسلم فيه فثابت بمقتضى القياس إذا هو لحاجة المديون ، والزيادة في الدين من حوائج المديون . الرهن بالدين
والفرق لأبي حنيفة ( رحمهما الله ) بين الزيادة في الرهن ، وبين الزيادة في الدين من وجهين أحدهما : أن الزيادة في الدين تؤدي إلى الشيوع في الرهن ; لأن [ ص: 98 ] بعض الرهن يفرغ من الدين الأول ويثبت فيه ضمان الدين الثاني ، ويبقى حكم الأول في البعض مشاعا ، ويثبت فيما يقابل الزيادة مشاعا ، والشيوع في الرهن يمنع صحة الرهن ، فأما الزيادة في الرهن فتؤدي إلى الشيوع في الدين ; لأن بعض الدين يحول ضمانه من الرهن الأول إلى الثاني والشيوع في الدين لا يصير كما لو رهنه بنصف الدين رهنا ، ولا يقال الزيادة تثبت على سبيل الالتحاق بأصل العقد فلا يؤدي إلى الشيوع فيه ; لأنا نسلم هذا ، ولكنه مع الالتحاق بأصل العقد تثبت قيمته ملحقا ، فهو كما لو رهنه في الابتداء ثوبا بعشرين نصفه بعشرة ، ونصفه بعشرة وذلك لا يجوز وبه فارق البيع فالشيوع ، وتفرق التسمية لا يؤثر في إفساد البيع ، والثاني : أن الزيادة إنما تصح ملحقة بأصل العقد في المعقود عليه ، والمعقود به ، والدين ليس بمعقود عليه ، ولا بمعقود به ; لأن المعقود به ما يكون وجوبه بالعقد والدين كان واجبا قبل عقد الرهن بسببه ، ويبقى فسخ الرهن ، فلا يملك إثبات الزيادة فيه ملحقة بأصل العقد ، فأما الرهن فمعقود عليه ; لأنه لم يكن محبوسا قبل عقد الرهن ، ولا يبقى محبوسا بعد فسخ عقد الرهن فالزيادة في الرهن زيادة في المعقود عليه فيلتحق بأصل العقد ( وفقه هذا الكلام ) : أن صحة الزيادة باعتبار أنه تصرف في العقد يعسر وصفه أو حكمه ، وذلك مستحق في الزيادة في الرهن ; لأن الحكم قبل الزيادة أن الرهن الأول مضمون بعشرة ، وبعد الزيادة يكون مضمونا بخمسة فثبتت الزيادة فيه ملتحقة بأصل العقد فأما الزيادة في الدين فلا تغير وصف العقد ، ولا حكمه ; لأن الرهن مضمون بالأقل من قيمته ، ومن الدين سواء وجدت الزيادة في الدين أو لم توجد ، فلهذا لا يثبت حكم الزيادة في ضمان الرهن ، وعلى هذا لو أنفق المرتهن على الرهن بأمر القاضي أو بأمر صاحبه فذاك دين ، وجب له على الرهن ، وفي ثبوت حكم الجنس باعتباره اختلاف ، كما بينا ، وكذلك إذا ومحمد فنصف الفداء من ذلك على المرتهن ونصفه وهو حصة الأمانة على الراهن لا يكون المرتهن متطوعا فيه عند كان الرهن يساوي ألفين ، والدين ألفا فجنى المرهون ، وفداه المرتهن والراهن غائب على ما بيناه في باب الجنايات فهو دين حادث له على الراهن ، فلا يكون له أن يحبس الرهن بعد استيفاء الأول بمنزلة ما لو أقرضه مالا زيادة في الدين الأول ، والله أعلم بالصواب . أبي حنيفة