وعن الحسن - رحمه الله - أنه كان يكره وبه نأخذ وقد بيناه في كتاب الشركة وقال المضاربة والشركة بالعروض رحمه الله لا تكون المضاربة إلا بالدراهم والدنانير وهو قول أبو حنيفة - رحمه الله - وقال أبي يوسف رحمه الله : " أستحسن أن تكون المضاربة بالفلوس كما تكون بالدراهم والدنانير ; لأنها ثمن مثل الدراهم والدنانير " والحاصل أن في محمد عن المضاربة بالفلوس - رحمه الله - رواية واحدة أنها تجوز ; لأنها ما دامت رائجة فهي ثمن لا يتعين في العقد مقابلتها بجنسها وبخلاف جنسها عند محمد - رحمه الله - فالعقد بها يكون بثمن في الذمة لا بيعا فيكون الربح للمضارب على ضمان الثمن فهو والمضاربة بالدراهم سواء وهكذا روى محمد الحسن عن رحمهما الله أن المضاربة بالفلوس جائزة ; لأنها ثمن لا يتعين عند المقابلة بخلاف جنسها وهكذا ذكره أبي حنيفة عن ابن سماعة رحمهما الله وفي الأصل روي عنهما أن المضاربة بالفلوس لا تجوز ; لأنها إذا كسدت فهي كالعروض فهي ثمن من وجه مبيع من وجه وهي ثمن لبعض الأشياء في عادة التجار دون البعض فكانت كالمكيل والموزون فإنها ثمن دينا ومبيع عينها فلا تصح المضاربة بها ، وهذا الاستدلال مروي عن أبي يوسف - رحمه الله - فإنه سئل عن أبي يوسف فقال : " لو جوزت ذلك جازت المضاربة بالطعام المضاربة بالدراهم التجارية بمكة " يعني أن أهل مكة يتبايعون بالطعام كما أن أهل بخارى يتبايعون بالبر بعينه .
قال الشيخ الإمام الأجل - رحمه الله - : " وكان شيخنا الإمام - رحمه الله - يقول : الصحيح جواز المضاربة بها عندي ; لأنها من أعز النقود عندنا كالدنانير في سائر البلدان " .
وظاهر ما ذكر هنا يدل على أن لا تجوز ، والدراهم والدنانير اسم للمضروب دون التبر ، وذكر في غير هذا الموضع أن التبر لا يتعين بالتعيين ولا يبطل العقد بهلاكه فذلك دليل جواز المضاربة به ، والحاصل أن ذلك يختلف باختلاف البلدان في الرواج ففي كل موضع يروج التبر رواج الأثمان وتجوز المضاربة به وفي كل موضع هو بمنزلة السلع لا تجوز المضاربة به كالمكيل والموزون المضاربة بالتبر