الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو اشترى ثوبا بعشرة دراهم من مال المضاربة ، ثم باعه مرابحة ، فقال للمشتري . أبيعك هذا الثوب بربح الدرهم درهم .

فالثمن عشرون درهما ; لأنه سمى بمقابلة كل درهم من رأس المال درهما ربحا ، والألف واللام للجنس فيما يمكن استغراق الجنس فيه إذ لا معهود له فيه ليحمل على المعهود ، فهذا وقوله يربح كل درهم درهما سواء .

وكذلك لو قال بربح كل درهم اثنين ، فالثمن ثلاثون درهما ، ولو قال بربح العشرة خمسة أو بربح الدرهم نصف درهم ، كان الثمن خمسة عشر ; لأنه سمى بمقابلة كل درهم من رأس المال نصف درهم ربحا ، أو بمقابلة جميع رأس المال خمسة ربحا .

ولو قال : أبيعك بربح العشرة خمسة عشر .

فالقياس أن يكون بخمسة وعشرين درهما ; لأنه ضم إلى رأس المال خمسة عشر درهما ربحا ، ولكنا نستحسن أن يكون البيع بخمسة عشر للعادة الظاهرة بين التجار ، فإنهم يقولون : يده يازده سود فروحب .

وإنما يريدون به أن الخمسة ربح والعشرة رأس [ ص: 78 ] مال .

وكذلك لو قال : بربح العشرة أحد عشر . أو قال : يده يازده ، فالربح درهم واحد استحسانا ; لأن مطلق اللفظ محمول على معاني كلام الناس وما يتفاهمونه في مخاطباتهم ، وكذلك لو قال : بربح عشرة أحد عشر ونصف .

فالربح درهم ونصف ، أو قال : أحد عشر ودانق . فالربح درهم ودانق ، ولو قال : بربح العشرة عشرة وخمسة أو خمسة وعشرة .

فالثمن خمسة وعشرون ; لأنه عطف أحد العددين على الآخر في تسمية الربح وضم العدد إلى رأس ماله ، وليس بين التجار عادة في مثل هذا اللفظ فيجب حمل اللفظ على الحقيقة ، ويكون ربحه العددين جميعا وإن كان الثوب انتقص عنده حتى صار يساوي ثلاثة دراهم ، ثم باعه بوضيعة الدرهم درهم .

كان الثمن خمسة دراهم ; لأن بيع الوضيعة كبيع المرابحة ، فكما أن هذا اللفظ في بيع المرابحة التضعيف على الثمن الأول ، فكذلك في بيع الوضيعة يوجب التنصيف .

ولو كان بوضيعة الدرهم درهمين كان الثمن عليه ثلاثة دراهم وثلثا ; لأن هذا اللفظ في بيع المرابحة يوجب أن يكون الربح ضعف رأس المال ، ففي بيع الوضيعة نصف الثمن ، وإنما يكون ذلك إذا كان النقصان من العشرة ستة وثلاثين ; لأن في بيع المرابحة هذا اللفظ يوجب أن يكون الربح مثل نصف رأس المال .

ففي الوضيعة يوجب أن يكون النقصان مثل نصف الباقي في ذلك في أن يكون الباقي من الثمن ستة وثلاثين ، والنقصان ثلاثة وثلثا ، وكذلك لو قال بوضيعة العشرة خمسة عشر اعتبارا للوضيعة بالمرابحة .

التالي السابق


الخدمات العلمية