وإذا فهو جائز للمضارب ثلثا الربح على ما اشترطا والثلث لرب المال لما بينا أنه شرط الدافع للمضارب جزءا من ربح ماله بعمله فيه وذلك مستقيم ، ثم يقول في بيان العلة ; لأن سدس الربح صار للدافع من ربح مال المضارب وصار له سدس مثله من ربح ألفه الذي صار للمضارب قال الشيخ الإمام الأجل رضي الله عنه وكان شيخنا الإمام - رحمه الله - يقول : هذا التعليل لا يصح فمبادلة ربح لم يوجد بربح لم يوجد كيف يكون صحيا وإنما معنى هذا التعليل أنه ليس في هذا التفصيل فائدة لأحدهما ; لأن بعد خلط المالين لا فرق في حق كل واحد منهما بين سدس الربح الذي يكون من ألفه وبين مثله من ألف صاحبه والشرط إنما يراعى إذا كان مفيدا لهما أو لأحدهما فما لم يكن مفيدا يكون لغوا ويبقى اشتراط ثلثي الربح للمضارب مطلقا فيكون صحيحا على ما اشترطا ولو دفع ألف درهم مضاربة على أن يخلطها المضارب بألف من قبله ثم يعمل بهما جميعا على أن ما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فللمضارب ثلثاه وللدافع ثلثه فهو جائز على ما اشتراطا لأن العامل شرط لنفسه ربح مال نفسه وثلث ربح مال صاحبه فكأنه أخذ منه الألف مضاربة بثلث الربح وذلك جائز ولو كان الدافع اشترط لنفسه ثلثي الربح وللعامل ثلثه فالربح بينهما نصفان على قدر مالهما ; لأن الدافع شرط لنفسه جميع ربح ماله فيكون دافعا المال من وجه البضاعة وشرط أيضا لنفسه جزءا من ربح مال العامل وهذا منه طمع في غير مطمع لأنه ليس له في مال العامل رأس مال ولا عمل فيبطل هذا الشرط ويكون الربح بينهما على قدر رأس مالهما نصفين ولو دفع إليه ألف درهم مضاربة على أن يخلطها بألف من قبله ويعمل بهما جميعا على أن للمضارب ثلثي الربح نصف ذلك من ربح ألف صاحبه ونصفه من ربح ألفه خاصة وعلى أن ما بقي من الربح للدافع فهذا جائز ; لأن العامل شرط لنفسه ربح ألفه وربع ربح مال الدافع ، ودفع المال مضاربة بربع الربح صحيح . دفع إليه ألفي درهم على أن يخلطهما بألف من قبله على أن الربح بينهما نصفان
فإن كان الدافع شرط لنفسه ثلاثة أرباع الربح وللعامل ربعه فالربح بينهما أثلاثا على قدر مالهما ; لأن الدافع شرط الزيادة على الثلثين لنفسه وطمع في جزء من ربح مال العامل وليس له فيه رأس مال ولا عمل فكان هذا الشرط باطلا والله أعلم
.