ولو فالمضاربة فاسدة ; لأن المضارب الأول في عمله في المال بمنزلة المالك فاشتراط عمله يعدم التخلية بين المال وبين المضارب الآخر ، وذلك شرط صحة المضاربة الثانية ، والدليل عليه أن المضارب لا يعاقد نفسه في هذا المال عقد المضاربة وحده ، فكذلك لا يعاقد غيره على شرط عمله معه ، فإن عملا فللآخر أجر مثله ; لأنه أوفى عمله بعقد فاسد . دفع مالا إلى رجل مضاربة بالنصف وأمره أن يعمل فيه برأيه فدفعه المضارب إلى رجل آخر مضاربة على أن يعمل المضارب الأول معه ، وللمضارب الآخر ربع الربح ، وللأول ربعه ، ولرب المال نصفه
والربح بين الأول ورب المال على شرطهما ، والوضيعة على رب المال ; لأن المضارب الآخر أجير للأول إجارة فاسدة .
ولو استأجره إجارة صحيحة للعمل في المال كان يعطي أجره من المال ، والربح بين المضارب ورب [ ص: 89 ] المال على الشرط ، فكذلك هنا فإن دفعه المضارب الأول إلى رب المال مضاربة بالثلث فعمل به فربح ، أو وضع فإنه يقسم على شرط المضاربة الأولى ، والمضاربة الأخيرة باطلة ، والمال في يد رب المال بمنزلة البضاعة ، وعلى قول - رحمه الله - الثانية تنقض الأولى ، والربح كله لرب المال وعندنا رب المال ، في العمل معين للمضارب ; لأن المضارب قد استعان به فيكون عمله كعمل المضارب ، والربح بينهما على الشرط ، ولا تصح المضاربة الأخيرة ; لأن رب المال مالك للمال يستحق الربح باعتبار ملكه فلا يجوز أن يكون مضاربا فيه ; لأن المضارب من يستحق الربح بعمله لا بملكه المال ، فالمضاربة الثانية لم تصادف محلا فكانت باطلة . زفر
( ألا ترى ) أن المضارب لو استأجر رب المال أن يشتري له ويبيع بعشرة دراهم في الشهر فاشترى له فربح ، أو وضع كان ما صنع من ذلك جائزا على المضارب ولا أجر له ; لأنه عامل في مال نفسه ، فلا يستوجب على عمله أجرا بالشرط ، وبه تبين الفرق بينه وبين الأجنبي ، ولو فالمضاربة الثانية فاسدة ; لأن رب المال يستحق الربح بملكه المال ، ولا يجوز أن يكون مضاربا في هذا المال وحده ، فاشتراط عمله بعدم التخلية ، فإذا فسدت المضاربة الثانية فللمضارب الآخر أجر مثله ، والربح بين الأول وبين رب المال على ما اشترطا والله أعلم . دفعه المضارب إلى رجل مضاربة بالربع على أن يعمل هو ورب المال فعملا