الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولا ينبغي للمضارب ولا لرب المال أن يطأ جارية اشتراها للمضاربة كان فيها فضل على رأس المال ، أو لم يكن ، ولا يقبلها ، ولا يلمسها ; لأنه إن لم يكن فيها فضل فهي ملك رب المال ، ليست بزوجة للمضارب ولا بملك يمين ، ولكن للمضارب فيها حق نسبة الملك ، حتى إن رب المال لا يملك أخذها منه ولا نهي المضارب عن التصرف فيها ، فكان المضارب ممنوعا عن التصرف ، والتي يختص بالملك فيها والوطء ودواعيه من هذه الجملة ، وكان رب المال ممنوعا من ذلك لقيام حق المضارب فيها ، وفي المضاربة الصغيرة قال : إذا لم يكن فيها فضل فأحب إلي أن لا يطأها رب المال ، ولا يعرض لها بشيء من هذا .

ولو فعل لم يكن آثما فيه ; لأنه خالص ملكه .

وحق المضارب في المالية وحل الوطء ينبني على ملك المتعة ، وإنما يستفاد ذلك بملك الرقبة دون ملك المالية .

وإن كان فيها فضل فهي بمنزلة جارية مشتركة بين اثنين ، فلا يحل لواحد منهما أن يطأها ; لأن حل الوطء ينبني على ملك المتعة ، وإنما يستفاد ذلك بكمال ملك الرقبة وببعض العلة لا يثبت شيء من الحكم ولو زوجها رب المال من المضارب ، فإن كان فيها فضل ; فالنكاح باطل ; لأن المضارب يملك مقدار حصته منها ، وملك جزء منها كملك جميع الرقبة في المنع من النكاح ابتداء وبقاء ، وإذا بطل النكاح بقيت على المضاربة كما كانت ، وإن لم يكن فيها فضل جاز النكاح ، كما لو زوجها من أجنبي آخر ; لأن ولاية التزويج تستفاد بملك الرقبة كولاية الإعتاق ولو أعتقها رب المال ، أو دبرها نفذ ذلك منه ، فكذلك إذا زوجها وقد خرجت من المضاربة ; لأن التزويج ليس من التجارة ، وتنفيذ المولى فيها تصرفا ليس من التجارة ، بل يكون إخراجا لها من المضاربة ، فليس للمضارب أن يبيعها بعد ذلك .

( ألا ترى ) أن المولى لو زوج أمته من كسب عبده المأذون ولا دين عليه من المأذون أو غيره جاز النكاح ، وخرجت الجارية من التجارة حتى لا يملك المأذون بيعها بعد ذلك فكذلك المضارب .

التالي السابق


الخدمات العلمية