ولو فهذا مكروه ; لأنه قرض جر منفعة فإنه أقرضه نصف الألف ، وشرط عليه منفعة العمل له في النصف الآخر { قال خذ هذه الألف على أن نصفها قرض عليك ، وعلى أن تعمل بنصفها الآخر مضاربة على أن الربح كله لي ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قرض جر منفعة } فإن عمل مع هذا فربح ، أو وضع فالربح [ ص: 138 ] والوضيعة بينهما نصفان ; لأن نصف المال ملكه فقد قبضه بجهة القرض والنصف الآخر بضاعة في يده ، فقد قبضه أن يعمل فيه لصاحبه .
ولو فهي هبة فاسدة ; لأنه هبة المشاع فيما يحتمل القسمة ، وبهذا تبين أن الصحيح من المذهب أن هبة المشاع بعد اتصال القبض بها فاسدة ، بخلاف ما ظنه بعض المتأخرين - رحمهم الله - أنها تكون بمنزلة الهبة قبل القبض ، ولكن الصحيح أنها فاسدة ; لأن القبض الموجب للملك قد وجد مع الشيوع . دفعها إليه على أن نصفها مضاربة بالنصف ، ونصفها هبة للمضارب وقبضها المضارب غير مقسومة
( ألا ترى ) أن هذا القبض فيما لا يحتمل القسمة يوجب الملك لكن شرط صحته القسمة فلانعدام شرط الصحة تكون الهبة فاسدة ، والمقبوض بحكمها مملوك للموهوب له ، وهو مستحق الرد عليه للفساد ; فلهذا كان مضمونا عليه ، بخلاف المقبوض بهبة صحيحة ، فإن هلك المال في يده قبل العمل ، أو بعده ; ضمن نصفه لهذا المعنى ، فإن ربح في المال ; كان نصف الربح حصة الهبة للمضارب ، والنصف الآخر على ما اشترطا في المضاربة بينهما ، فإن وضع فالوضيعة عليهما نصفين ; لأن نصف المال مملوك للمتصرف فله ربح ذلك النصف وعليه وضيعته والنصف الآخر مضاربة في يده .
ولو فهو كما قال ; لأن الشيوع لا يمنع صحة دفع المال مضاربة ، ولا صحة دفعه بضاعة . دفعها إليه على أن نصفها بضاعة ، ونصفها مضاربة بالنصف
ولو ، فذلك جائز على ما سمي ; لأنه لا منافاة بينهما ، فمال المضاربة أمانة في يد المضارب كالوديعة ، فإن تصرف في جميع المال ; كان ضامنا للنصف حصة الوديعة ; لأنه خالف بالتصرف فيه ، وربح ذلك النصف له وعليه وضيعته وإن قسم المضارب المال نصفين ، ثم عمل بأحد النصفين على المضاربة فربح ، أو وضع ; فالوضيعة عليه ، وعلى رب المال نصفين ; لأنه لا ينفرد بالقسمة فالنصف الذي تصرف فيه من النصفين جميعا نصفه مما كان مضاربة في يده ونصفه كان وديعة فله ربح حصة الوديعة من ذلك وعليه وضيعته ; لأنه صار مخالفا ضامنا ، والبعض في هذا الحكم معتبر بالكل نقول : فإن أراد أن يشتري بالمضاربة ولا يضمن اشترى بنصف الألف غير مقسوم ، وكان البائع شريكا في الألف حتى يحضر رب المال فيقاسمه ، ومراده أن يشتري بنصفه ويسلمه على سبيل الشيوع ; لأن الضمان في الوجه الأول إنما كان يلزمه بالتسليم لا بنفس الشراء فطلب السلامة في هذا الموضع من الضمان الذي كان يلحقه في الوجه الأول ، ثم قد صار نصف المال شائعا مملوكا للبائع ، ونصفه وديعة في يد المضارب ، والمودع لا يملك [ ص: 139 ] المقاسمة فلا بد من أن يحضر رب المال ليقاسمه . دفعها إليه على أن نصفها وديعة في يد المضارب ، ونصفها مضاربة بالنصف