الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو قال المضارب في مرضه : قد ربحت ألف درهم ووصلت إلي فضاع المال كله ، وكذبه رب المال فالقول قول المضارب مع يمينه ; لأنه أمين أخبر بما هو مسلط على الإخبار به ، فإن لم يستحلف على ذلك حتى مات فهو بريء من المال ; لأخباره بضياع المال ، ولرب المال أن يستحلف ورثته على علمهم بضياع المال ; لأنهم لو أقروا بما ادعاه رب المال كانوا ضامنين له من التركة ، فإذا أنكروا استحلفهم على العلم لرجاء نكولهم وهو استحلاف على فعل الغير بأن يدهم ما وصلت إلى المال ، ولذلك لو قال في مرضه : قد دفعت رأس المال إلى رب المال وحصته من الربح فهو مخبر بما هو مسلط عليه فيقبل قوله في براءته عن ذلك ، إلا أن قوله غير مقبول في الحكم بإيصال المال إلى رب المال حقيقة فيأخذ حصة المضارب من الربح فيكون له من رأس ماله ; لأن ما وراء ذلك كالتاوي حين لم يثبت وصوله إلى رب المال ، ولم يكن المضارب ضامنا ، فإن كان على المضارب دين يحيط بماله ، وحصة المضارب من الربح غير معروفة ، وقد علم أن المضارب قد ربح ألف درهم ، ووصلت إليه فإن رب المال يحاص الغرماء بحصة المضارب من الربح ; لأن ذلك القدر قد صار دينا له في تركته بسبب لا تهمة فيه ، فيكون صاحبه مزاحما لغرماء الحصة .

التالي السابق


الخدمات العلمية