( ولكل منهما ) أي المتبايعين إذا بقيت أو أحدهما ( ولا منع للآخر ) منه لعدم ضرره إذ المنع حينئذ سفه أو عناد ، وأفهم تعبير المهذب والوسيط بانتفاء ضرر الآخر عدم المنع عند انتفاء [ ص: 144 ] الضرر والنفع لأنه تعنت ، وجرى عليه ( السقي إن انتفع به الشجر والثمر ) السبكي وغيره لكن توقف فيه الشيخ بأنه لا غرض للبائع حينئذ فكيف يلزم المشتري تمكينه ، وما قاله ظاهر وجرى عليه الوالد رحمه الله تعالى ومقتضى ما مر من التعليل أنه ، وبه صرح يمتنع على البائع تكليف المشتري السقي الإمام لأنه لم يلتزم تنميتها فلتكن مؤنته على البائع ، وظاهر كلامهم تمكينه من السقي بما اعتيد سقيها منه وإن كان للمشتري كبئر دخلت في العقد ، وليس فيه أنه يصير شارطا لنفسه الانتفاع بملك المشتري لأن استحقاقه لذلك لما كان من جهة الشرع اغتفروه ، وقضيته أن الكلام في ثمرة غير مؤبرة شرطها البائع لنفسه ( وإن ضرهما ) كان لكل منع الآخر لأنه يضر صاحبه من غير نفع يعود إليه فهو سفه وتضييع و ( لم يجز ) السقي لهما ولا لأحدهما ( إلا برضاهما ) معا لأن الحق لهما فيمتنع على أحدهما الانفراد بذلك لإدخاله على صاحبه ضررا .
لا يقال : فيه إفساد للمال وهو حرام ولو مع تراضيهما لأنا نقول : الإفساد غير محقق ولأن المنع لحق الغير ارتفع بالرضا ويبقى ذلك بالنسبة لتصرفه في خالص ماله ، وهو ممتنع على الوجه المذكور لأنه إتلاف بفعل فأشبه إحراق المال ، أو يحمل كلامهم على ما إذا كان من وجه دون وجه وهذا أوضح ( وإن ) ( فسخ العقد ) لتعذر إمضائه إلا [ ص: 145 ] بإضرار أحدهما والفاسخ له المتضرر كما يؤخذ من غضون كلامهم واعتمده ( ضر أحدهما ) أي الشجر دون الثمر أو عكسه ( وتنازعا ) أي المتبايعان في السقي الوالد رحمه الله تعالى وقيل الحاكم وجزم به ابن الرفعة وصححه السبكي ، وقيل كل من العاقدين واستظهره الزركشي وشمل قوله وإن ضرهما ما لو كان السقي مضرا بأحدهما ومنع تركه حصول زيادة للآخر لاستلزام منع حصولها له انتفاعه بالسقي ، وذكر في الروضة فيه احتمالين للإمام ( إلا أن يسامح ) المالك المطلق التصرف ( المتضرر ) فلا فسخ ويأتي هنا ما مر من الإشكال والجواب ومنع بعضهم مجيئه هنا لما في هذا من الإحسان والمسامحة .
وهذا يقدح فيما مر أيضا ( وقيل ) يجوز ( لطالب السقي أن يسقي ) ولا اعتبار بالضرر لدخوله في العقد عليه ( ولو كان الثمر يمتص رطوبة الشجر لزم البائع أن يقطع ) الثمر ( أو يسقي ) الشجر دفعا لضرر المشتري .