الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فيشترط في ) السلم في ( الرقيق ) ( ذكر نوعه كتركي ) ورومي وحبشي لاختلاف الأغراض بذلك ، فإن اختلف صنف النوع وجب ذكره كرومي أو خطائي ( و ) ذكر ( لونه ) إن اختلف ( كأبيض ) وأسود ( ويصف بياضه بسمرة أو شقرة ) وسواده بصفاء أو كدورة وإن لم يختلف لون النوع أو الصنف كالزنج لم يجب ذكره ( و ) ذكر ( ذكورته وأنوثته ) أي أحدهما فلا يصح في الخنثى وثيابته وبكارته ، والواو في هذا على ما في كثير من النسخ ونحوه من كل ضدين مما يأتي بمعنى أو ( وسنه ) كابن عشرين سنة أو محتلم : أي أول عام احتلامه بالفعل أو وقته وهو تسع سنين [ ص: 205 ] فاندفع ما للأذرعي هنا ويعتمد قول الرقيق في الاحتلام وفي السن إن كان بالغا ، وإلا فقول سيده البالغ العاقل المسلم إن علمه وإلا فقول النخاسين : أي الدلالين بظنونهم ( وقده ) أي قامته ( طولا وقصرا ) وربعة فيذكر واحدا منها لاختلاف [ ص: 206 ] الغرض بها ( وكله ) أي ما ذكر مما يختلف كالوصف والسن والقد بخلاف نحو الذكورة ( على التقريب ) فلو شرط كونه ابن عشر مثلا من غير زيادة ولا نقص لم يصح لندرته ( ولا يشترط ذكر الكحل ) بفتحتين ، وهو سواد يعلو جفن العين كالكحل من غير اكتحال ( والسمن ) في الأمة ( ونحوهما ) كالدعج : وهو شدة سواد العين مع سعتها وتكلثم الوجه .

                                                                                                                            وهو استدارته وثقل الأرداف ورقة الخصر والملاحة ( في الأصح ) لتسامح الناس بإهمالها .

                                                                                                                            والثاني يشترط لأنها مقصودة لا تؤدي إلى عزة الوجود وتختلف القيمة بسببها وينزل في الملاحة على أقل درجاتها ، ومع ظهور هذا وقوته المعتمد الأول .

                                                                                                                            ويسن ذكر تفلج الأسنان أو غيره وجعد الشعر أو سبطه وصفة الحاجبين لا سائر الأوصاف التي تؤدي إلى عزة الوجود كما يصف كل عضو على حياله بأوصافه المقصودة وإن تفاوت به العرف والقيمة لأن ذلك يورث العزة ، ولو أسلم جارية صغيرة في كبيرة صح كإسلام صغير الإبل في كبيرها ، فإن كبرت بكسر الباء أجزأت عن المسلم فيه وإن وطئها كوطء الثيب وردها بالعيب .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : كتركي ) عبارة حج : كتركي أو حبشي ، وصفة المختلف كرومي أو خطائي وهي أولى لأن كلام الشارح يلزمه التناقض في الرومي حيث جعله أولا نوعا للرقيق وثانيا صنفا له اللهم إلا أن يقال إنه جمع بين قولين ( قوله : ويصف بياضه ) قال في العباب : وفي جواز أبيض مشرب بحمرة أو صفرة وجهان : أقول : وينبغي أن يكون الأرجح الجواز ، ويكفي ما ينطبق عليه الاسم منه ، بل ما ذكر مستفاد من قول المصنف ويصف بياضه بسمرة لأن المراد منها الحمرة ( قوله : فلا يصح في الخنثى ) أي وإن اتضح بالذكورة لعزة وجوده ، وعليه فلو أسلم إليه في ذكر فجاء له بخنثى اتضح بالذكورة ، أو عكسه فجاء له بأنثى اتضحت أنوثتها لم يجب قبوله لأن اجتماع الآلتين يقلل الرغبة فيه ويورث نقصا في خلقته ، ومثل الخنثى الحامل للعلة المذكورة ، وقد تقدم عدم صحة السلم في الحامل عن حج .

                                                                                                                            هذا ، والأولى أن يقال هنا : إذا لم يذكر في العقد كون المسلم فيه حائلا أو حاملا ثم أتى له بحامل ، فإن كانت مما يعد الحمل فيها عيبا لم يجب قبولها وإلا وجب ( قوله : وثيابته ) مثله في المحلي وهي مصدر ثاب إذا رجع وهو من باب قال فيقال ثاب ثوبا ، ويجوز فيه ثوبانا كما في المختار والصحاح ، وثووبا كما في القاموس : أي وأصله ثئوب كقعود استثقلت الضمة على الواو الأولى فقلبت همزة ، ولم أر الثياب في الصحاح والقاموس والمصباح إلا في جمع الثوب كما في قوله تعالى { وثيابك فطهر } وعليه فانظر ما وجه التعبير بما ذكره الشارح تبعا للجلال المحلي ، وظاهره سواء كان الرقيق ذكرا أو أنثى وينبغي تقييده بالأنثى وعبارة متن الروض وشرحه : ويجب في الأمة ذكر الثيابة والبكارة : أي أحدهما ( قوله : أو وقته ) قضية المغايرة [ ص: 205 ] أنه لو أحضره بعد اثنتي عشرة سنة مثلا ولم يسبق له احتلام لا يجب قبوله ، وفيه نظر لأنه إذا أحضر المحتلم بعد خمس عشرة سنة قبله وغير المحتلم وهو ابن تسع قبله ، فلم يجعل لوقت القبول وقتا بعينه بل أقل وقت يقبل فيه تسع ، وعليه فينبغي أن يكون المدار على كونه لا يقبل ما دون التسع ويقبل ما وصل إليها فما فوق وإن لم يحتلم إلى تمام خمس عشرة سنة التي هي وقت البلوغ بالسن ، ومع ذلك فالتقابل بين أول عام الاحتلام ووقته وهو التسع فيه نظر ، فإنه إذا اكتفى ببلوغه التسع لم يبق لاعتبار الاحتلام بالفعل معنى ، فإنه إذا احتلم في العاشرة مثلا كان ذلك بعد الوقت الذي يجب قبوله فيه ، ولعل اعتبار الاحتلام والوقت وجهان : فمنهم من اعتبر الوقت ، ومنهم من اعتبر الاحتلام .

                                                                                                                            ( قوله : فاندفع ما للأذرعي ) الذي في شرح الروض قال الأذرعي : الظاهر أن المراد به أول عام الاحتلام أو وقته وإلا فابن عشرين سنة محتلم ا هـ .

                                                                                                                            فما ذكره الشارح هو كلام الأذرعي فكيف يقول فاندفع إلخ طبلاوي بهامش .

                                                                                                                            ويمكن أن يجاب بأن الشارح لم يرد خصوص ما نقله في شرح الروض عن الأذرعي بل يجوز أن ما نقله في شرح الروض عنه هو ما نقله الأذرعي ، واعترضه بكلام قصد الشارح دفعه ، والأذرعي له كتب متعددة كالتوسط والقوت والغنية ، فلا يلزم من عدم اعتراضه في واحد منها عدم اعتراضه في غيره .

                                                                                                                            هذا وقال حج : ويظهر أن المراد احتلامه بالفعل إن تقدم على الخمسة عشر وإلا فهي وإن لم ير منيا ، ولا يقبل ما زاد عليها لأن الصغر مقصود في الرقيق ولا ما نقص عنها ولم يحتلم لأنه لم يوجد وصف الاحتلام الذي نص عليه ، ولا نظر لدخول وقت بتسع لأنه مجاز ولا قرينة عليه .

                                                                                                                            ( قوله : ويعتمد قول الرقيق ) قال حج : أي العدل ا هـ : وقضيته أن العبد الكافر إذا أخبر بالاحتلام لا يقبل خبره في كلام بعضهم أنه يقبل ، ونظر فيه الشيخ حمدان ثم قال : اللهم إلا أن يقال لما لم يعرف ذلك إلا منه قبل : يعني بخلاف إخباره عن السن فلا يقبل منه ، بل لا بد لقبوله من كونه مسلما عدلا ا هـ بالمعنى وهو ظاهر ( قوله : وإلا فقول سيده ) ظاهره أن السيد لا يقبل قوله : إلا إذا كان العبد غير بالغ ولعله غير مراد وحينئذ فيمكن تقرير الشارح بما حاصله أنه يعتمد قول الرقيق إن كان بالغا وأخبر وإلا يوجد ذلك بأن كان غير بالغ أو بالغا ولم يخبر ، فقول السيد ولكنه يقتضي أنه إذا تعارض قول العبد وقول السيد قدم قول العبد لأنه إنما قبل قول السيد عند عدم إخبار العبد وهو محل تأمل ، إن ظهرت قرينة تقوي صدق السيد كأن ولد عنده وادعى أنه أرخ ولادته ولم يذكر العبد قرينة يسند إليها بل قال سني كذا ولم يزد ، ثم رأيت في شرح العبابلحج ما يصرح بالأول حيث قال : وإلا أي وإن لم يولد في دار الإسلام ولم يعلم السيد من حاله شيئا وإن كان الرقيق غير بالغ أو بالغا ولم يعلم سن نفسه وكذا لو اختلف السيد في سن العبد فيما يظهر ا هـ : أي فيقدم خبر العبد .

                                                                                                                            ( قوله : المسلم ) قضية هذا التقييد أنه لا يعتبر في قبول قول الرقيق ، وفي سم على منهج عن حج كشرح الروض اعتباره ا هـ وعبارته وفي شرح الإرشاد لشيخنا حج كشرح الروض ، وظاهر أن محل تصديق السيد والرقيق البالغين إن كانا مسلمين عاقلين ، وما ذكره سم من اعتبار الإسلام في الرقيق هو المتبادر من اعتبار حج العدالة فيه ( قوله : إن علمه ) قال حج : وهو المراد بقوله إن ولد في الإسلام ( قوله : وإلا فقول النخاسين ) من النخس وهو الضرب باليد على الكفل : أي فإن لم يخبروا بشيء [ ص: 206 ] وقف الأمر إلى الاصطلاح على شيء ( قوله : ولا يشترط ذكر الكحل ) أي لكن لو ذكر شيئا وجب اعتباره باتفاق القولين وينزل على أقل الدرجات بالنسبة لغالب الناس ( قوله : السمن في الأمة ) إنما اقتصر على الأمة لكونها محل توهم الاشتراط دون العبد فلا اعتراض عليه كالمحلي وشيخ الإسلام في التقييد بالأمة ( قوله : ونحوهما ) أي ولكن يسن ذكره خروجا من الخلاف وقياسا على سن ذكر مفلج الأسنان وما معه الآتي بالأولى ( قوله : والملاحة ) هي تناسب الأعضاء ، وقيل صفة يلزمها تناسب الأعضاء ( قوله : بإهمالها ) أي في الرقيق ، إذ المقصود منه الخدمة لا التمتع في الغالب ( قوله : والثاني يشترط ) أي الذكر ( قوله : ومع ظهور هذا ) أي الثاني ( قوله : كما يصف ) مثال للمنفي ( قوله : فإن كبرت ) أي الجارية التي هي رأس مال السلم حيث وجدت فيها صفات المسلم فيه التي ذكرها ويأتي مثله في سائر الحيوانات وغيرها .

                                                                                                                            وإنما خص الجارية بالذكر لأنه قد يتوهم امتناعه خوفا من وطئها ثم ردها ( قوله : بكسر الباء ) وضابطه أنه إن كان في المعاني والأجرام فبالضم ، وإن كان في السن فبالكسر ( قوله : وإن وطئها ) غاية .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            . [ ص: 203 - 204 ] قوله : ورومي ) الصواب حذفه ; لأنه من اختلاف الصنف كما سيأتي ، وبعضهم يجعله من اختلاف النوع والشارح تبعه هنا ، وبالجملة فلا وجه للجمع بينهما . ( قوله : أي أول عام احتلامه بالفعل أو وقته ) هذا هو بحث الأذرعي فلا يأتي قول الشارح فاندفع ما للأذرعي هنا ، نعم قول الشارح وهو تسع سنين زاده على ما في كلام الأذرعي بيانا لمراده ، وظاهر أن المراد أنه لا بد من النص على ذلك فلا يصح إطلاق محتلم ، فقد قال الأذرعي عقب ما مر : وفي النفس شيء من الاكتفاء بإطلاق ذلك فإن ابن عشر ونحوها قد يحتلم وقد لا يحتلم إلا بعد الخامسة عشرة ، والغرض والقيمة تتفاوت بذلك تفاوتا بينا ا هـ .

                                                                                                                            لكن بحث العلامة حج أن المراد احتلامه بالفعل إن تقدم على الخمسة عشرة وإلا فهي وإن لم ير منيا قال فلا يقبل ما زاد عليها ولا ما نقص عنها ولم يحتلم ، فقوله : فلا يقبل إلخ صريح في صحة إطلاق محتلم في العقد ، وأن التفصيل إنما هو فيما يجب قبوله ، وهذا لا يتأتى في كلام الشارح كالأذرعي وإلا لكان يجب قبول ابن تسع مطلقا ، فيجب أن يكون المراد في كلام الشارح أنه لا بد من النص في العقد على أحد المذكورين [ ص: 205 ] في كلامه كما قررته ، ويمكن أن يكون المراد من كلام الشارح كالأذرعي أنه يصح إطلاق محتلم وأنه لا يجب إلا قبول ابن تسع فقط أو من هو في أول احتلامه بالفعل : أي فلا يقبل ابن عشر مثلا إذا لم يحتلم بالفعل لكن لا يخفى ما فيه ، ويجوز أن الشارح كالأذرعي أراد بقولهما : أي أول احتلامه بالفعل أو وقته مجرد التردد بين الأمرين [ ص: 206 ] قوله : لا سائر الأوصاف ) محترز قول المصنف ذكر نوعه إلخ




                                                                                                                            الخدمات العلمية