الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) الأصح ( أن ) ( خيارها ) أي المصراة ( لا يختص بالنعم ) وهي الإبل والبقر والغنم ( بل يعم كل مأكول ) من الحيوان ( والجارية والأتان ) بالمثناة وهي الأنثى من الحمر الأهلية لرواية مسلم { من اشترى مصراة } وكون نحو الأرنب لا يقصد لبنه إلا نادرا إنما يرد لو أثبتوه قياسا ، وليس كذلك لما تقرر من شمول لفظ الخبر له لأن النكرة في حيز الشرط تعم والتعبد هنا غالب فمن ثم لم يستنبط من النص معنى يخصصه ، ولا يؤثر كون لبن الأخيرين لا يؤكل لأنه تقصد غزارته لتربية الولد وكبره والثاني يختص بالنعم لأن غيرها لا يقصد لبنه إلا على ندور ( و ) لكن ( لا يرد معهما شيئا ) بدل اللبن لأن لبن الأمة لا يعتاض عنه غالبا ولبن الأتان نجس ( وفي الجارية وجه ) أنه يرد بدله لصحة بيعه وأخذ العوض عنه ( وحبس ماء القناة و ) ماء ( الرحى المرسل ) كل منهما ( عند البيع ) أو الإجارة حتى يتوهم المشتري أو المستأجر كثرته فيزيد في عوضه ومثلهما جميع المعاوضات ( وتحمير الوجه ) وتوريمه ووضع نحو قطن في شدقها ( وتسويد الشعر وتجعيده ) الدال على قوة البدن وهو ما فيه التواء وانقباض [ ص: 75 ] لا كمفلفل السودان

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : بل يعني كل مأكول ) أي ويجب فيه الصاع بالشرط السابق وهو أن يكون متمولا ( قوله إنما يرد لو أثبتوه ) أي الصاع في لبن الأرنب ( قوله : له ) أي الأرنب ( قوله : معنى يخصصه ) زاد حج بالنعم ، ويرد عليه أن لبن الجارية لا شيء فيه ، وعللوه بأنه لا يقصد للاعتياض إلا نادرا إلا أن يقال : إنه لما لم يتفق تناوله للاعتياض لغير الطفل عادة عد بمنزلة العدم ، بخلاف غيره لما اعتيد تناوله مستقلا ولو نادرا اعتبر ( قوله : وحبس ماء القناة ) انظر لو انحبس بنفسه هل يثبت فيه الخيار أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول قياسا على التصرية ، ويوجه بأن الغالب تعهد ذلك من المالك للانتفاع به إما بنفسه أو بنائبه ، ثم بعد ذلك إن كان الماء نزل أرض المشتري وكان له قيمة ضمنه بمثله ، والقول قوله في قدره وإن لم يكن له قيمة لا شيء فيه لأنه يتسامح به ولأن غير المتمول لا يضمنه الغاصب لو تلف في يده ( قوله : وماء الرحى ) أي الطاحون ( قوله : ومثلهما ) أي البيع والإجارة ( قوله : جميع المعاوضات ) ومنها الصداق وعوض الخلع والدية في الصلح عن الدم ، وإذا فسخ العوض فيها رجع لمهر المثل في الصداق وعوض الخلع وللدية في الصلح عن الدم .

                                                                                                                            ( قوله : وتحمير الوجه ) لو وقع ذلك من المبيع لم يحرم على السيد وهل يحرم على المبيع ذلك الفعل أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب أن يقال : إن كان مقصوده الترويج ليباع حرم عليه ولا خيار للمشتري لانتفاء التغرير من البائع وإلا فلا ، والفرق بين تحمير الجارية وجهها حيث قيل فيها بعدم ثبوت الخيار وما لو تحفلت الدابة بنفسها أن البائع للدابة ينسب لتقصير في الجملة لجريان العادة بتعهد الدابة في الجملة في كل يوم ، بخلاف الجارية فإنه لم يعهد تعهد وجهها ولا ما هي عليه من الأحوال العارضة لها ( قوله : ووضع نحو قطن ) ثبوت الخيار في هذه المسألة يشكل بعدم ثبوته في توريم الضرع الآتي ، إلا أن يفرق بأن التوريم لما كان ظاهر البدن بحيث يطلع عليه بالحس عادة نسب إلى تقصير ، ولا كذلك هذا فإنه لاستتاره بعسر الاطلاع عليه ، ولا يشكل توريم الوجه بما يأتي في توريم الضرع لما سنشير إليه من أن التدليس في توريم الضرع يسهل الاطلاع عليه بحلب الدابة فيعلم منه كثرة لبنها وقلته ولا كذلك توريم الوجه ( قوله : في شدقها ) قال في المصباح في حرف الشين المعجمة مع الدال المهملة : الشدق جانب الفم بالفتح والكسر ، قاله الأزهري ، وجمع المفتوح شدوق مثل فلس وفلوس ، وجمع المكسور أشداق مثل حمل وأحمال ، ورجل أشدق : واسع الشدقين ( قوله : وتجعيده ) قال في شرح الروض : وخرج بجعده ما لو سبطه فبان جعدا فلا خيار لأن الجعودة أحسن ا هـ سم على حج : وقال سم على منهج : قرر م ر فيما لو تجعد الشعر بنفسه عدم [ ص: 75 ] ثبوت الخيار به ا هـ .

                                                                                                                            وقوله بنفسه : أي أو بفعل غير البائع فيما يظهر .

                                                                                                                            ثم رأيته في حج وعبارته : ومن ثم تخير هنا في حبس ماء القناة ونحوه ، وإن فعل ذلك غير البائع ، إلا تجعد الشعر فإنه مستور غالبا فلم ينسب البائع فيه لتقصير ولعل الفرق بينه وبين ما لو تصرت بنفسها أن البائع ينسب في عدم العلم بالتصرية إلى تقصير في الجملة لما جرت به العادة من حلب الدابة وتعهدها في كل يوم من المالك أو نائبه ولا كذلك الشعر ، ثم رأيت سم على حج صرح بذلك الفرق نقلا عن شرح الروض ( قوله : كمفلفل السودان ) أي فإن جعل الشعر على هيئته لا يثبت الخيار لعدم دلالته على نفاسة المبيع المقتضية لزيادة الثمن




                                                                                                                            الخدمات العلمية