فإن فلا تعارض إذ كل أثبت عقدا وهو لا يقتضي نفي غيره ، ويؤخذ منه أن صورتها أن لا تتفق البينتان ، على أنه لم يجر إلا عقد واحد فلا تعارض ، وحينئذ فتسلم الأمة للمشتري ويقر العبد بيده إن كان قبضه وله التصرف فيه ظاهرا بما شاء للضرورة . أقام البائع بينة أن المبيع هذا العبد ، والمشتري بينة أنه الأمة
نعم قال إلا بالوطء لو كان أمة لاعترافه بتحريم ذلك عليه [ ص: 162 ] وعليه نفقة ذلك ، قال الشيخ أبو حامد الأذرعي : وهذا في الظاهر ، أما في الباطن فالحكم محال على حقيقة الصدق والكذب ، فإن كان بيد البائع فهل يجبر مشتريه على قبوله لإقرار البائع له به أو يترك عند القاضي حتى يدعيه وينفق حينئذ عليه من كسبه وإلا بيع إن رآه وحفظ ثمنه أو يبقى بيد البائع على قياس من أقر لغيره بشيء ، وهو ينكره خلاف ، والأصح منه الأخير كما دل عليه كلام الأنوار ، وقد علم أنه على قول التحالف يكون قياس ما مر أن محله إذا لم تؤرخ البينتان بتاريخين وإلا قضى بمتقدمة التاريخ وإذا وقع التحالف ( فيحلف كل ) منهما ( على نفي قول صاحبه وإثبات قوله ) لما مر من أن كلا مدع ومدعى عليه فينفي ما ينكره ويثبت ما يدعيه هو .
نعم إنما يحلف الثاني بعد أن يعرض عليه ما حلف عليه الأول فينكر ، قاله المحاملي وتبعه السبكي قال : ويشبه أن يكون العرض المذكور مستحبا ، ومعلوما أن الوارث في الإثبات يحلف على البت وفي النفي على نفي العلم ، وفي معنى الوارث سيد العبد المأذون له لكنه يحلف على البت في الطرفين ( ويبدأ ) في اليمين بالبائع ، استحبابا لأن جانبه أقوى بعود المبيع الذي هو المقصود بالذات إليه بالفسخ الناشئ عن التحالف ، ولأن ملكه على الثمن قد تم بالعقد وملك المشتري على المبيع لا يتم إلا بالقبض ، ولأنه يأتي بصورة العقد وصورة المسألة أن المبيع معين والثمن في الذمة ومن ثم بدئ بالمشتري في عكس ذلك لأنه أقوى حينئذ ، ويخير الحاكم بالبداءة بأيهما أداه إليه اجتهاده فيما إذا كانا معينين أو في الذمة ( وفي قول يبدأ [ ص: 163 ] بالمشتري ) لقوة جانبه بالمبيع ( وفي قول يتساويان ) لأن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه فلا ترجيح وعليه ( فيتخير الحاكم ) فيمن يبدأ به منهما ( وقيل يقرع ) بينهما فمن قرع بدئ به والزوج في الصداق كالبائع فيبدأ به لقوة جانبه ببقاء التمتع له كما قوي جانب البائع بعود المبيع له ، ولأن أثر التحالف يظهر في الصداق لا في البضع وهو باذله فكان كبائعه ، والخلاف في الاستحباب لحصول المقصود بكل تقدير .
( والصحيح أنه يكفي كل واحد ) منهما ( يمين تجمع نفيا ) لقول صاحبه ( وإثباتا ) لقوله لاتحاد الدعوى ومنفى كل في ضمن مثبته فجاز التعرض في اليمين الواحدة للنفي والإثبات ، والثاني يفرد النفي بيمين والإثبات بأخرى ، وفي تعبيره بيكفي إشعار بجواز العدول إلى يمينين وهو الظاهر ، بل يظهر استحبابهما خروجا من الخلاف لأن في مدركه قوة وإن أشعر كلام الماوردي بمنعهما إذ لا معول على ذلك ( ويقدم ) في اليمين ( النفي ) استحبابا لا وجوبا لأنه الأصل في اليمين إذ حلف المدعي على قوله إنما هو لنحو قرينة لوث أو نكول ولإفادة الإثبات بعده بخلاف العكس ، وإنما لم يكف الإثبات ولو مع الحصر كما بعت إلا بكذا لأن الأيمان لا يكتفى فيها باللوازم بل لا بد من الصريح لأن فيها نوعا من التعبد ( والله ما بعت بكذا ولقد ) أو إنما وحذفه من أصله لما فيه من إيهام اشتراط الحصر ( بعت بكذا ) ويقول المشتري : والله ما اشتريت بكذا ولقد اشتريت بكذا ، ولو نكل أحدهما عن النفي والإثبات أو عن أحدهما قضي للحالف ، ولو نكلا جميعا ولو عن النفي فقط وقف أمرهما وكأنهما تركا الخصومة كما اختاره في الروضة من وجهين : ثانيهما أنه كتحالفهما ( وإذا تحالفا في الصحيح أن العقد لا ينفسخ ) بنفس التحالف لأن البينة أقوى من اليمين ، وللخبر الثاني فإن تخييره فيه بعد الحلف صريح في عدم الانفساخ به ، ولو أقام كل منهما بينة لم ينفسخ فبالتحالف أولى ( بل إن ) أعرضا عن الخصومة أعرض عنهما ولا ينفسخ . ( فيقول البائع ) عند اختلافهما في قدر الثمن