( ولو ) ( وقبض بدله ) أو لم يقبض كما في الروضة فما ذكره ( تلف المرهون ) بعد القبض المصنف مثال لا قيد ( صار رهنا ) لقيامه مقامه ويجعل بيده من كان الأصل في يده من غير احتياج لإنشاء رهن ، بخلاف بدل ما أتلف من الموقوف حيث احتاج لإنشاء وقف . والفرق أن القيمة يصح أن تكون رهنا ولا يصح أن تكون وقفا ، ولا يضر كونه دينا قبل قبضه لأن الدين إنما يمتنع رهنه ابتداء كما مر ، وشمل إطلاقهم ما لو أتلفه المرتهن ووجبت عليه القيمة ، والأوجه أنها لا تكون رهنا لأنه لا يكون ما وجب عليه رهنا له ، وقد يقال بمساواته لغيره وفائدته تقديمه بذلك القدر على الغرماء ، وشمل أيضا ما لو كان الراهن وهو كذلك فيما يظهر لأن شرط الراهن اقتضى وجوب رعاية وجوده لوجود بدله ، ويلزم من وجوده في الذمة الحكم عليه بالرهنية ، والفرق بينه وبين غيره ممنوع إذ الحكم عليه بالرهنية في ذمة الراهن هنا وفيما مر في قيمة العتيق فائدة أي فائدة ، وهي أنه إذا مات وليس له سوى قدر القيمة فإن حكمنا بأن ما في ذمته رهن قام ما خلفه مقامه فيقدم به المرتهن على مؤنة التجهيز وبقية الغرماء وإلا قدمت مؤنة التجهيز واستوى هو والغرماء ، وكأن الشيخ ظن انحصار الفائدة في عدم صحة إبراء الراهن الجاني مما في ذمته ، وهذا لا يتأتى إذا كان هو الراهن وليست منحصرة في ذلك كما هو ظاهر مما قررناه ( والخصم في البدل الراهن ) المالك كالمؤجر والمعير والمودع لكن لا يقبضه وإنما يقبضه من كان الأصل بيده ، [ ص: 288 ] قاله الماوردي ، وإنما عبر بالراهن ليشمل الولي والصبي ونحوهما نعم الرهن المعار الخصم فيه المعير لا الراهن المستعير
( فإن لم يخاصم لم يخاصم المرتهن في الأصح ) وإن تعلق حقه بما في الذمة لأنه غير مالك ، وله إذا خاصم المالك حضور خصومته لتعلق حقه بالبدل والثاني يخاصم لتعلق حقه بما في الذمة ، ويجري الخلاف فيما لو غصب المرهون ، ومحل الخلاف إذا تمكن المالك من المخاصمة أما لو فللمرتهن المخاصمة جزما كما أفتى به باع المالك العين المرهونة البلقيني وهو ظاهر ، ويلحق بذلك ما لو أتلفه الراهن فيطالب المرتهن لئلا يفوت حقه من التوثق ، ووجه عدم تمكن الراهن من المخاصمة فيما لو باعه أنه يدعي حقا لغيره وهو المرتهن فلم يقبل منه على أن بيعه يكذب دعواه نعم لو غاب المرتهن وقد غصب الرهن جاز للقاضي نصب من يدعي على الغاصب لأن له إيجار مال الغائب لئلا تضيع المنافع ، ولأنا نعلم أن العاقل يرضى بحفظ ماله ، قال بعضهم بحثا وما ذكره الماوردي أن محل ما ذكر في الجناية إذا نقصت القيمة بها ولم يزد الأرش فلو لم تنقص بها كأن قطع ذكره وأنثياه أو نقصت بها وكان الأرش زائدا على ما نقص منها فإن المالك بالأرش كله في الأولى ، وبالزائد على ما ذكر في الثانية ممنوع لتعلق حق المرتهن بذلك فهو كما لو زاد سعر المرهون بعد رهنه ، ولهذا قال البلقيني : لم أر من ذكره غيره وما أظن أنه يوافق عليه ، وتشبيهه في الأولى بنماء الرهن مردود فإن النماء لم يتناوله عقد الرهن بخلاف أبعاض العبد . وقال في أثناء كلامه : إن المرتهن إنما يتعلق حقه بما يضمن في الغصب وهو ممنوع فلا تلازم بين البابين ، وقال ثالثا : إن مثل ذلك لا يضمن في الغصب وهو ممنوع ، فجميع ذلك مضمون في الغصب إلا ما سقط بآفة [ ص: 289 ] سماوية ولا نقص انتهى .
فالراجح خلاف ما قاله الماوردي وإن قال الزركشي : إنه ظاهر .