( ولو ) ( فإن كان في يد الراهن أو في يد المرتهن وقال الراهن : غصبته صدق بيمينه ) لأن الأصل عدم لزوم الرهن وعدم إذنه في القبض ، بخلاف ما لو كان بيد المرتهن ووافقه الراهن على إذنه [ ص: 300 ] له في قبضه ، لكنه قال : إنك لم تقبضه عنه أو رجعت عن الإذن فيحلف المرتهن ، ويؤخذ من ذلك أن من اشترى عينا بيده فأقام آخر بينة أنها مرهونة لم تقبل إلا إن شهدت بالقبض ، وإلا صدق المشتري بيمينه لأن الأصل بقاء يده ولأنه مدع لصحة البيع والآخر مدع لفساده ( وكذا لو قال : أقبضته عن جهة أخرى ) كإجارة وإيداع وإعارة يصدق بيمينه ( في الأصح ) لأن الأصل عدم إذنه في القبض عن الرهن ، ويكفي قول الراهن لم أقبضه عن جهة الرهن على الأوجه والثاني يصدق المرتهن لاتفاقهما على قبض مأذون فيه والراهن يريد صرفه إلى جهة أخرى ، وهو خلاف الظاهر لتقدم العقد المحوج إلى القبض ، ولو اتفقا على الإذن في القبض وتنازعا في قبض المرتهن فالمصدق من المرهون في يده ( ولو ) ( اختلفا ) أي الراهن والمرتهن ( في قبضه ) أي المرهون ( فله تحليفه ) أي المرتهن أنه قبض المرهون ( وقيل : لا يحلفه إلا أن يذكر لإقراره تأويلا كقوله أشهدت على رسم القبالة ) قيل : حقيقة القبض والرسم الكتابة والقبالة بفتح القاف وبالباء الموحدة الورقة التي يكتب فيها الحق المقر به : أي أشهدت على الكتابة الواقعة في الوثيقة لكي آخذ بعد ذلك ، أو ظننت حصول القبض بالقول ، أو ألقى إلى كتاب على لسان وكيلي أنه أقبض ثم خرج مزورا ، لأنه إذا لم يذكر تأويلا يكون مناقضا لقوله لإقراره وأجاب الأول بأنا نعلم في الغالب أن الوثائق يشهد عليها غالبا قبل تحقيق ما فيها فأي حاجة إلى تلفظه بذلك ، ومقتضى كلام ( أقر ) الراهن ( بقبضه ) أي المرتهن المرهون ( ثم قال : لم يكن إقراري عن حقيقة ) المصنف عدم الفرق بين كون الإقرار في مجلس الحكم بعد الدعوى أم لا ، وهو كذلك كما هو مقتضى كلام العراقيين وجزم به ابن المقري ، وإن قال القفال : إنه ليس له التحليف إذا كان الإقرار في مجلس الحكم ، فإن قال : من قامت عليه بينة بإقراره بالقبض منه لم أقر به أو شهدوا على أنه قبض منه بجهة الرهن لم يكن له التحليف ، وكذا لو أقر بإتلاف مال ثم قال : أشهدت عازما عليه إذ لا يعتاد ذلك ويأتي ذلك في سائر العقود وغيرها على المنقول المعتمد [ ص: 301 ] كإقرار مقترض بقبض القرض وبائع بقبض الثمن ، وإنما يعتبر إقرار الراهن بالإقباض عند إمكانه فلو كان بمكة مثلا فقال : رهنته داري بالشام وأقبضته إياها وهما بمكة فهو لغو ، نص عليه .
قال القاضي أبو الطيب : وهذا يدل على أنه لا يحكم بما يمكن من كرامات الأولياء : أي لأن هذه الأمور لا يعول عليها في الشرع ، ولهذا قلنا : من تزوج امرأة بمكة وهو بمصر فولدت لستة أشهر من العقد لا يلحقه الولد ، ولو دفع المرهون إلى المرتهن بغير قصد إقباضه عن الرهن هل يكفي عنه ؟ وجهان في التهذيب أصحهما عدمه ، بل هو وديعة لأن تسليم المبيع واجب بخلاف المرهون .