فصل في تعلق الدين بالتركة ( من تعلق بتركته ) المنتقلة إلى الوارث مع وجود الدين كما سيأتي ( تعلقه بالمرهون ) لأنه أحوط للميت إذ يمتنع على هذا تصرف الوارث فيه جزما ، بخلاف إلحاقه بالجناية فإنه يأتي فيه الخلاف في البيع [ ص: 305 ] واغتفر هنا عن جهالة المرهون به لكونه من جهة الشرع . قال مات وعليه دين الإسنوي : ومحل ما مر حيث لم يكن الدين قد أيس من معرفته وإلا فلا يتعلق بها لأنه لا غاية للحجر عليها ، وفيه نظر إذ ما أيس من معرفة صاحبه يصير من أموال بيت المال ، وحينئذ فللوارث ومن عليه دين كذلك دفعه لمتولي بيت المال العادل وإلا فلقاض أمين أو ثقة عارف ليصرفه في مصارفه أو يتولى هو ذلك إن عرفه ، ويغتفر اتحاد القابض والمقبض هنا للضرورة ، وكالدين فيما ذكر الوصية المطلقة فيمتنع التصرف في قدر الثلث ، وكذا التي بعين معينة فيمنعه فيما يحتمله الثلث منها وللموصى له فداء الموصى به كالوارث ( وفي قوله كتعلق الأرش بالجاني ) لثبوته من غير اختيار المالك وشمل كلامه ما لو كان بالدين رهن سواء أكان مساويا له أم أزيد منه بحيث يظهر ظهورا قويا أنه يوفى منه .
وهو كذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ولا يبعد أن للشيء تعلقا عاما وتعلقا خاصا . نعم لو كان الدين أكثر من التركة فوفى الوارث قدرها انفكت من الرهينة ( فعلى ) الأول ( الأظهر يستوي الدين المستغرق وغيره ) في رهن التركة فلا ينفذ تصرف الوارث في شيء منها ( في الأصح ) كالمرهون ، والثاني إن كان الدين أقل تعلق بقدره من التركة ولا يتعلق بجميعها لأن الحجر في مال كثير بشيء حقير بعيد ، ومقتضى كلامه تبعا للرافعي أن الخلاف لا يتأتى على القول بأنه كتعلق الجناية ، لكن حكي في المطلب الخلاف عليه . قال الإسنوي : فالصواب أن يقول فعلى القولين . وأجاب الشارح عن ذلك بأنهم رجحوا في تعلق الزكاة على القول بأنها تتعلق بالمال تعلق الأرش برقبة العبد الجاني أنها تتعلق بقدرها منه وقيل بجميعه ، فيأتي ترجيحه هنا فيخالف المرجح على الأرش المرجح على الرهن ، فقوله فعلى الأظهر إلخ [ ص: 306 ] صحيح ا هـ .
ومعلوم مخالفة الزكاة لما هنا لبنائها على المساهلة ، فجواب الشارح غير ظاهر وإنما هو بحسب فهمه ، وقد أجاب الوالد رحمه الله تعالى بأنه إنما نص على الأظهر لأن الخلاف عليه أقوى ، ويستثنى من إلحاقه بالرهن ما لو أدى وارثه قسط ما ورث فإنه ينفك نصيبه ، بخلاف ما لو رهن ثم مات لا ينفك إلا بوفاء جميع الدين ومر الفرق بينهما ثم ما ذكر محله في دين الأجنبي ، أما دين الوارث فالصواب أنه يسقط منه ما يلزمه أداؤه منه لو كان لأجنبي وهو نسبة إرثه من الدين إن كان مساويا للتركة أو أقل ، ومما يلزم الورثة أداؤه إن كان أكثر ويستقر له نظيره من الميراث ويقدر أنه أخذ منه ثم أعيد إليه عن الدين وهذا سبب سقوطه وبراءة ذمة الميت منه ويرجع على بقية الورثة ببقية ما يجب أداؤه على قدر حصصهم ، وقد يفضي الأمر إلى التقاص إذا كان الدين لوارثين .