فصل فيما يفعل في مال المحجور عليه بالفلس من بيع وقسمة وغيرهما ( يبادر القاضي ) أو نائبه ندبا ومراده قاضي بلد المفلس ; إذ الولاية على ماله ولو بغير بلده له تبعا للمفلس ( وقسمه ) أي قسم ثمنه ( بين الغرماء ) [ ص: 321 ] على حسب ديونهم لئلا يطول زمن الحجر عليه ومبادرة لبراءة ذمته ، وإيصال الحق لمستحقه ولا يفرط في الاستعجال كي لا يطمع فيه بثمن بخس ( ويقدم ) حتما ( ما يخاف فساده ) ويقدم عليه ما يسرع له الفساد ولو لم يكن مرهونا لئلا يضيع ثم المرهون والجاني لتعجيل حق مستحقها ، وما نظر به في المطلب بأن الرهن إذا فات لم يبطل حق المرتهن بخلاف الجاني فينبغي أن يقدم بيعه لذلك أجاب عنه الوالد رحمه الله بأن بيع المرهون إنما قدم لما فيه من المبادرة إلى براءة ذمة المديون ( ثم الحيوان ) لاحتياجه للنفقة وتعرضه للتلف واستثني منه المدبر فقد نص في الأم على أنه لا يباع حتى يتعذر الأداء من غيره ، وهو صريح كما قاله ( بعد الحجر ) أو الامتناع من الأداء ( ببيع ماله ) بقدر الحاجة الزركشي في تأخيره عن الكل صيانة للتدبير عن الإبطال ( ثم المنقول ) لما يخشى عليه من الضياع من نحو سرقة ويقدم الملبوس على النحاس ونحوه ، قاله الماوردي ( ثم العقار ) بفتح العين أفصح من ضمها ويقدم البناء على الأرض ، قاله الماوردي أيضا .
وعلم مما مر أن وبه صرح في الأنوار . الترتيب مستحب
قال الأذرعي : والظاهر أن الترتيب في غير ما يسرع فساده وغير الحيوان مستحب : أي أما ما يخشى فساده أو نهبه أو استيلاء نحو ظالم عليه فلا شك في وجوب المبادرة لبيعه .
ولهذا قد تقتضي المصلحة تقديم العقار ونحوه على غيره عند الخوف ممن مر فالأحسن تفويض الأمر في ذلك إلى اجتهاد الحاكم ويحمل كلامهم على الغالب وعليه بذل الوسع فيما يراه الأصلح بتثليث الحاء والفتح أفصح أو وكيله ( وغرمائه ) أو وكيلهم لأن ذلك أنفى للتهمة وأطيب للقلوب وليخبر المفلس بما في ماله من عيب ليأمن الرد ، أو صفة مطلوبة لتكثر فيه الرغبة ، ولأن الغرماء قد يزيدون في السلعة ، وما ثبت للمفلس [ ص: 322 ] من بيع ماله كما ذكر رعاية لحق الغريم يأتي نظيره ( وليبع ) ندبا ( بحضرة المفلس ) فيأمره الحاكم به ، فإن امتنع وله مال ظاهر وهو من جنس الدين وفى منه أو من غيره باع عليه ماله إن كان بمحل ولايته ، ولكن يفارق الممتنع المفلس في أنه لا يتعين على القاضي بيع ماله كالمفلس بل له بيعه كما تقرر ، وإكراه الممتنع مع تعزيره بحبس أو غيره على بيع ما يفي بالدين من ماله لا على بيع جميعه مطلقا ، وبحث في ممتنع عن أداء حق وجب عليه بأن أيسر وطالبه به صاحبه وامتنع من أدائه السبكي أن محل تخييره بين البيع والإكراه إذا طلب رب الدين حقه بغير تعيين ، فلو عين طريقا لم يجز للحاكم فعل غيرها ; لأنه إنما يفعل بسؤاله ، واستدل له بكلام القفال ، وفيه نظر ، ومن ثم قال ولده في التوشيح : قد يقال ليس للمدعي حق في إحدى الخصال حتى تتعين بتعيينه ، وإنما حقه في خلاص حقه فليعتمده القاضي بما شاء من الطرق ا هـ .
وهذا هو الوجه .
وبيع المالك أو وكيله بإذن الحاكم أولى ليقع الإشهاد عليه ولا يحتاج إلى بينة بأنه ملكه ، بخلاف ما لو باع الحاكم أو نائبه لا بد أن يثبت أنه ملكه على ما قاله ابن الرفعة تبعا للماوردي والقاضي ، وبيع الحاكم حكم بأنه له : أي بناء على أن تصرفه حكم وسيأتي في الفرائض ما فيه ، ورجح السبكي تبعا لما اقتضاه كلام جماعة الاكتفاء باليد ونقله عن العبادي ، وذكر الأذرعي أن أفتى بما يوافقه ، والإجماع الفعلي عليه وهو المعتمد ابن الصلاح لأن الرغبة فيه أكثر والتهمة فيه أبعد . وليبع ندبا ( كل شيء في سوقه )
نعم إن تعلق بالسوق غرض معتبر للمفلس وجب ولو كان في النقل إليه مؤنة كبيرة ورأى استدعاء أهله أو ظن الزيادة في غير سوقه فعل : أي وجوبا [ ص: 323 ] كما هو ظاهر ، وإنما يبيع ( بثمن مثله ) فأكثر ( حالا من نقد البلد ) وجوبا كما في المحرر ; لأن التصرف لغيره فوجب فيه رعاية المصلحة وهي فيما ذكر فلا يبع بمؤجل ، وإن حل قبل القسمة ولا بغير نقد البلد ما لم يرض المفلس والغرماء بغيره فيجوز ، قاله المتولي ، وهو المعتمد وإن توقف فيه السبكي لاحتمال ظهور غريم آخر يطلب دينه في الحال ; إذ الأصل عدمه ، ولو رأى الحاكم المصلحة في البيع بمثل حقوقهم جاز ، ولو فقياس ما ذكروه في عدل الرهن وجوب القبول في المجلس وفسخ البيع ، وحكاه باع بثمن مثله ثم ظهر راغب بزيادة الروياني عن النص ، وقد ذكروا في عدل الرهن والوكالة أنه إذا لم يفسخ انفسخ بنفسه فيأتي ذلك هنا