القسم الثالث : . فالنكاح في حق هذا : واجب . قولا واحدا ، إلا أن من خاف العنت ذكر رواية : أنه غير واجب . ويأتي كلامه في تعداد الطرق . قال ابن عقيل الزركشي : ولعله أراد بخوف العنت : خوف المرض والمشقة ، لا خوف الزنا . فإن العنت يفسر بكل واحد من هذه .
تنبيهات :
أحدها : " العنت " هنا : هو الزنا . على الصحيح . وقيل : هو الهلاك بالزنا . ذكره في المستوعب .
الثاني : مراده بقوله " إلا أن يخاف على نفسه مواقعة المحظور " إذا علم وقوع ذلك أو ظنه . قاله الأصحاب . وقال في الفروع : ويتوجه إذا علم وقوعه فقط .
الثالث : هذه الأقسام الثلاثة : هي أصح الطرق . وهي طريقة ، المصنف والشارح ، وغيرهما . قال الزركشي : هي الطريقة المشهورة . وقال ابن شيخ السلامية في نكته على المحرر : ذكر غير واحد من أصحابنا في وجوب النكاح : روايتين . واختلفوا في محل الوجوب . فمنهم : من أطلقه ولم يقيده بحال . وهذه طريقة أبي بكر ، وأبي حفص ، قال في مفرداته : النكاح واجب في إحدى الروايتين . [ ص: 10 ] وكذلك أطلقه وابن الزاغوني القاضي أبو يعلى الصغير في مفرداته ، وأبو الحسين ، وصاحب الوسيلة . وقد وقع ذلك في كلام رحمه الله لما سئل عن التزويج ؟ فقال : أراه واجبا . وأشار إلى هذا الإمام أحمد أبو البركات ، حيث قال : الوجوب مطلقا . قلت : وهو ظاهر كلام وعنه هنا ، وصاحب الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، وغيرهم . المصنف قلت : وهو ضعيف جدا فيمن لا شهوة له . قال : ومنهم من خص الوجوب بمن يجد الطول ، ويخاف العنت . قال في المستوعب : فهذا يجب عليه النكاح رواية واحدة . كذا قال في الترغيب ، وابن الجوزي ، وأبو البركات . وعليها حمل إطلاق القاضي رحمه الله الإمام أحمد وأبي بكر .
قلت : وقيده بذلك أيضا . وأن ابن عقيل الشيخ تقي الدين رحمه الله قال : وظاهر كلام والأكثرين : أن ذلك غير معتبر . واختار أحمد ابن حامد : عدم الوجوب حتى في هذه الحالة . قلت : الذي يظهر أن هذا خطأ من الناقل عنه . ومن أصحابنا : من أجرى الخلاف فيه . فحكى في التذكرة في وجوب النكاح على ابن عقيل روايتين . ومنهم : من جعل محل الوجوب في الصورة الأولى ، وهذه الصورة . ومنهم : من جعل الخلاف في الصورة الثانية ، وهو من يخاف العنت ويجد الطول . فهاهنا جعل محل الخلاف غير واحد . وحكوا فيه روايتين . وهذه طريقة من يجد الطول ، ولا يخاف العنت وله شهوة ، القاضي . [ ص: 11 ] وقطع وأبي البركات رحمه الله : بعدم الوجوب من غير خلاف . وكذلك الشيخ موفق الدين في الجامع الكبير ، القاضي في التذكرة . واختاره وابن عقيل ابن حامد ، والشريف أبو جعفر . قالوا : ويدل على رجحانها في المذهب : أن رحمه الله لم يتزوج حتى صار له أربعون سنة ، مع أنه كان له شهوة . ومنهم : من جعل محل الوجوب في الصورتين المتقدمتين وفي صورة ثالثة ، وهو الإمام أحمد . حكاه في الترغيب . قال من يجد الطول ولا شهوة له أبو العباس : وكلام وتعليله يقتضي أن الخلاف في الوجوب ثابت ، وإن لم يكن له شهوة . ومنهم : من جعل محل الوجوب : القدرة على النفقة والصداق . القاضي
قال في المبهج : ينظر فيه . فإن النكاح مستحب . وهل هو واجب أم لا ؟ : لم يجب ، رواية واحدة . وإن كان قادرا مستطيعا : ففيه روايتان ، لا يجب . وهي المنصورة . والوجوب قال : كان فقيرا لا يقدر على الصداق ، ولا على ما يقوم بأود الزوجة قلت : ونازعه في ذلك كثير من الأصحاب . ومنهم : من أضاف قيدا آخر ، فجعل الوجوب مختصا بالقدرة على نكاح الحرة قال أبو العباس : إذا خشي العنت جاز له التزوج بالأمة ، مع أن تركه أفضل ، أو مع الكراهة وهو يخاف العنت . فيكون الوجوب مشروطا بالقدرة على نكاح الحرة . قلت : قدم في الفروع : أنه لا يجب عليه نكاح الحرة . قال ، القاضي وابن الجوزي ، ، وغيرهم : يباح ذلك . والصبر عنه أولى . وقال في الفصول : في وجوبه خلاف . واختار والمصنف أبو يعلى الصغير الوجوب . [ ص: 12 ] قلت : الصواب أنه يجب إذا لم يجد حرة . ومنهم : من جعل الوجوب من باب وجوب الكفاية لا العين . قال أبو العباس : ذكر أبو يعلى الصغير في ضمن مسألة التخلي لنوافل العبادة إنا إذا لم نوجبه على كل واحد فهو فرض على الكفاية . قلت : وذكر أبو الفتح ابن المنى أيضا : أن النكاح فرض كفاية . فكان الاشتغال به أولى . كالجهاد . قال : وكان القياس يقتضي وجوبه على الأعيان . تركناه للحرج والمشقة . انتهى .
وانتهى كلام ابن خطيب السلامية ، مع ما زدنا عليه فيه .