قوله ( وإن تزوج أمة يظنها حرة    )  [ ص: 169 ] وكذا لو شرطها حرة فبانت أمة . ( فأصابها وولدت منه . فالولد حر . ويفديهم بمثلهم يوم ولادتهم ، ويرجع بذلك على من غره . ويفرق بينهما إن لم يكن ممن يجوز له نكاح الإماء . وإن كان يجوز له ذلك : فله الخيار . فإن رضي بالمقام معها ، فما ولدت بعد ذلك : فهو رقيق ) . اعلم أنه إذا تزوج أمة يظنها حرة ، أو شرطها حرة واعتبر في المستوعب مقارنة الشرط للعقد . واختاره قبله  القاضي  فبانت أمة ، فلا يخلو : إما أن يكون ممن يجوز له نكاح الإماء أو لا . فإن كان ممن لا يجوز له نكاح الإماء . فالمذهب : أن النكاح باطل كما لو علم بذلك . وعليه الأصحاب . وقطعوا به . وقدمه في الفروع ، وقال : وعند أبي بكر  يصح . فلا خيار . واعلم أن قول أبي بكر    : إنما حكي عنه فيما إذا شرطها أمة فبانت حرة . كما تقدم . وذكر  القاضي  في الجامع : أنه قياس قوله " فيما إذا شرطها كتابية فبانت مسلمة " ثم فرق بينهما . فالذي نقطع به : أن نقل صاحب الفروع هنا عن أبي بكر    : إما سهو ، أو يكون هنا نقص . وهو أولى . ويدل على ذلك : أنه قال بعده : وبناه في الواضح على الخلاف في الكفاءة . فهذا لا يلائم المسألة . والله أعلم . 
وإن كان ممن يجوز له نكاح الإماء : فله الخيار . كما قال  المصنف    . وظاهره وظاهر كلام جماعة : إطلاق الظن . فيدخل فيه : ظنه أنها حرة الأصل أو عتيقة .  [ ص: 170 ] وقطع في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي ، والمنور ، والفروع وغيرهم : أنه لا خيار له إذا ظنها عتيقة . وهذا المذهب . ولعله مراد من أطلق . وظاهر كلام الزركشي    : التنافي بين العبارتين . وقدم في الترغيب : أنه لو ظنها حرة لا خيار له . وقيل : لا خيار لعبد . وهو احتمال في المغني ، والشرح . وقيل : لا فسخ مطلقا . حكاه في الرعاية الصغرى . فإذا اختار المقام تقرر عليه المهر المسمى كاملا . على الصحيح من المذهب . وقيل : ينسب قدر مهر المثل إلى مهر المثل كاملا . فيكون له بقدر نسبته من المسمى ، يرجع به على من غره . 
فائدة : 
لو أبيح للحر نكاح أمة ، فنكحها ، ولم يشترط حرية أولاده    : فهم أرقاء لسيدها . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب .  وعنه    : أن ولد العربي يكون حرا . وعلى أبيه فداؤه . ذكره الزركشي  في آخر كتاب النفقات على الأقارب . وإن شرط حرية الولد ، فقال في الروضة في إرث غرة الجنين : إن شرط زوج الأمة حرية الولد : كان حرا . وإن لم يشرط : فهو عبد . انتهى . 
ذكره في الفروع في أواخر " باب مقادير ديات النفس " . قال ابن القيم  رحمه الله في إعلام الموقعين في الجزء الثالث في الحيل المثال الثالث والسبعون : إذا شرط الزوج على السيد حرية أولاده : صح . وما ولدته فهم أحرار . قوله ( والولد حر ) . هذا المذهب . وعليه الأصحاب ، وقال : ينعقد حرا باعتقاده . 
قال  ابن عقيل    : ينعقد حرا كما يعد ولد القرشي قرشيا .  وعنه    : الولد بدون الفداء رقيق .  [ ص: 171 ] قوله ( ويفديهم ) . هذا المذهب . قاله في المغني ، وغيره . قال الشارح    : وهو الصحيح . وجزم به في الوجيز ، وغيره . وقدمه في الفروع ، وغيره .  وعنه    : لا يلزمه فداؤهم . قال الزركشي    : نقل ابن منصور    : لا فداء عليه ، لانعقاد الولد حرا .  وعنه    : أنه يقال له " افتد أولادك ، وإلا فهم يتبعون الأم " . قال  المصنف  ، والشارح    : فظاهر هذا أنه خيره بين فدائهم وبين تركهم رقيقا . فعلى المذهب : يفديهم بقيمتهم . على الصحيح . اختاره  المصنف  ، والشارح  ، وصاحب التلخيص ، وابن منجا    . وقدمه في الفروع في " باب الغصب " لأنه أحاله عليه . وجزم به في الوجيز .  وعنه    : يفديهم بمثلهم في القيمة . قدمه في الفائق . واختاره أبو بكر    . قاله  المصنف  ، والشارح    . ويحتمله كلام  المصنف  هنا .  وعنه    : يضمنهم بأيهما شاء . اختاره أبو بكر  في المقنع .  وعنه    : يفديهم بمثلهم في صفاتهم تقريبا . اختاره  الخرقي  ،  والقاضي  ، وأصحابه . 
قال ابن منجا  في شرحه : هذا المذهب . وهو ظاهر كلام  المصنف  هنا . والخلاف هنا كالخلاف المذكور في باب الغصب ، فيما إذا اشترى الجارية من الغاصب ، أو وهبها له ، ووطئها وهو غير عالم . فإن الأصحاب أحالوه عليه . 
قوله ( يوم ولادتهم ) . هذا الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب .  وعنه    : وقت الخصومة .  [ ص: 172 ] 
فائدتان 
إحداهما : لا يضمن منهم إلا من ولد حيا في وقت يعيش لمثله ، سواء عاش أو مات بعد ذلك . الثانية : ولد المكاتبة مكاتب . ويغرم أبوه قيمته ، على الصحيح من الروايتين . والمعتق بعضها : يجب لها البعض فيسقط . وولدها يغرم أبوه قدر رقه . 
تنبيه : 
قوله ( فبانت أمة ) . يعني : بالبينة لا غير . على الصحيح من المذهب . وقيل : وبإقرارها أيضا . قوله ( وإن كان عبدا ، فولده أحرار . ويفديهم إذا عتق ) . فيكون الفداء متعلقا بذمته . وهو المذهب . جزم به  الخرقي  ، وصاحب الوجيز ، والمحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي وغيرهم . وقدمه في الفروع ، وشرح ابن منجا    . وقيل : يتعلق برقبته . وهو رواية في الترغيب . قال الشيخ تقي الدين  رحمه الله : وهذا هو المتوجه قولا واحدا ; لأنه ضمان جناية محضة . وأطلقهما في المغني ، والشرح . وقيل : يتعلق بكسبه . فيرجع به سيده في الحال . قوله ( ويرجع بذلك على من غره ) . بلا نزاع كأمره بإتلاف مال غيره بأنه له . فلم يكن له . ذكره في الواضح . لكن من شروط رجوعه على من غره    : أن يكون قد شرط له أنها حرة مطلقا . على الصحيح من المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم .  [ ص: 173 ] 
وقيل : إن كان الشرط مقارنا للعقد : رجع ، وإلا فلا . اختاره  القاضي    . وقطع به في المستوعب ، فقال " الشرط الثالث : أن يشترط حريتها في نفس العقد . فأما إن تقدم ذلك على العقد : فهو كما لو تزوجها مطلقا من غير اشتراط الحرية . فلا يثبت له خيار الفسخ " انتهى . 
وقال في المغني ، والشرح : ويرجع أيضا بذلك على من غره ، مع إيهامه بقرينة حريتها . وفي المغني أيضا : ولو كان الغار أجنبيا كوكيلها . قال في الفروع : وما ذكره في المغني : هو إطلاق نصوصه . وقاله  أبو الخطاب    . وقاله أيضا فيما إذا دلس غير البائع . قال الزركشي    : وظاهر كلام  أحمد  رحمه الله في رواية حرب  يقتضي الرجوع مع الظن . وهو اختيار  أبي محمد  ، وأبي العباس    . إذ الصحابة الذين قضوا بالرجوع لم يستفصلوا . ويحقق ذلك : أن الأصحاب لم يشترطوا ذلك في الرجوع في العيب . انتهى . 
فائدة : 
لمستحق الفداء مطالبة الغار ابتداء . نص عليه . وجزم به في المحرر ، والرعايتين ، والفروع ، والحاوي الصغير ، وغيرهم . قال في الرعاية ، قلت : كما لو مات عبدا أو عتيقا أو مفلسا . وجعل الشيخ تقي الدين  رحمه الله : في المسألة روايتين . قال ابن رجب    : وكذلك أشار إليه جده في تعليقه على الهداية . قال ابن رجب  رحمه الله : وهو الأظهر . ويرجع هذا إلى أن المغرور : هل يطالب ابتداء بما يستقر ضمانه على الغار ، أم لا يطالب به سوى الغار ؟  كما نص عليه في رواية جماعة هنا . ومتى قلنا : يخير بين مطالبة الزوج والغار ، فلا فرق بين أن يكون أحدهما موسرا والآخر معسرا ، أو يكونا موسرين .  [ ص: 174 ] وإن قلنا : لا يجوز سوى مطالبة الغار ابتداء ، وكان الغار معسرا والآخر موسرا : فهل يطالب هنا ؟ فيه تردد . وقد تشبه المسألة بما إذا كانت عاقلة القاتل خطأ ممن لا تحمل العقل . فهل يحمل القاتل الدية ، أم لا ؟ انتهى . 
تنبيهان : 
الأول : سكوت  المصنف  عن ذكر المهر يدل على أنه لا يرجع به . وهو إحدى الروايتين . اختاره أبو بكر    . قال  القاضي    : الأظهر أنه لا يرجع ; لأن  الإمام أحمد  رحمه الله قال : كنت أذهب إلى حديث  علي  رضي الله عنه ثم هبته . وكأني أميل إلى حديث  عمر  رضي الله عنه فحديث  علي  رضي الله عنه بالرجوع بالمهر . وحديث  عمر  رضي الله عنه عنه بعدمه . والرواية الثانية : يرجع به أيضا . اختاره  الخرقي    . قال الزركشي    : اختاره  القاضي  ، وأبو محمد  يعني به  المصنف  وغيرهما . وقدمه في المستوعب ، والمغني ، والشرح ، والزركشي  ، وغيرهم . قلت    : وهو المذهب . فعلى هذه الرواية : يجب المهر المسمى . على الصحيح من المذهب .  وعنه    : مهر المثل . اختاره  المصنف    . ويأتي ذلك في آخر كتاب الصداق في النكاح الفاسد . الثاني قوله ( ويرجع بذلك على من غره ) إن كان الغار السيد : عتقت إذا أتى بلفظ الحرية ، وزالت المسألة . وإن كان بغير لفظ الحرية : لم تعتق ، ولم يجب له شيء ; إذ لا فائدة في وجوب شيء له ، ويرجع به عليه .  [ ص: 175 ] لكن إن قلنا : إن الزوج لا يرجع بالمهر ، وجب للسيد . وإن كان الغار للأمة رجع عليها . على الصحيح من المذهب . وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب . واختاره  القاضي  ، وغيره . وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع . وقيل : لا يرجع عليها . وأطلقهما الزركشي    . نقل ابن الحكم  لا يرجع عليها . قال  المصنف    : ظاهر كلام  الإمام أحمد  رحمه الله : لا يرجع عليها . قال الزركشي    : ظاهر كلام  الإمام أحمد  رحمه الله في رواية جماعة : لا يرجع عليها . فعلى الأول : هل يتعلق بذمتها ، أو برقبتها ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الفروع 
قال  المصنف  ، والشارح  ،  وابن رزين  في شرحه ، والزركشي    : هل يتعلق برقبتها أو بذمتها ؟ على وجهي استدانة العبد بدون إذن سيده . وتقدم ذلك في أواخر " باب الحجر " وأن الصحيح : أنه يتعلق برقبته . وقال  القاضي    : قياس قول  الخرقي    : أنه يتعلق بذمتها . لأنه قال في الأمة إذا خالعت زوجها بغير إذن سيدها  يتبعها به إذا عتقت . فكذا هنا . وإن كانت الغارة مكاتبة : فلا مهر لها في أصح الوجهين . قاله في الفروع . وجزم به في المغني ، والشرح . وإن كان الغار أجنبيا ، فالصحيح من المذهب : أنه يرجع عليه . ونص عليه في رواية عبد الله  ،  وصالح    . وعليه جماهير الأصحاب . وقطعوا به . وظاهر كلام  القاضي    : عدم الرجوع عليه . فإنه قال : الغار وكيلها ، أو هي نفسها . قاله الزركشي  وإن كان الغار الوكيل : رجع عليه في الحال .  [ ص: 176 ] وإن كان الغرر منها ومن وكيلها : فالضمان بينهما نصفان . قاله في المستوعب وغيره . ويأتي نظيرها في الغرر بالعيب . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					