ومن رأى هلال رمضان وحده وردت شهادته لزمه الصوم وحكمه ( و ) للعموم ، وكعلم فاسق بنجاسة ماء أو دين على موروثه ، ولأنه يلزمه إمساكه لو أفطر فيه ، ويقع طلاقه وعتقه المعلق بهلال رمضان وغير ذلك من خصائص الرمضانية ، ولهذا فارق غيره من الناس ، وليست الكفارة عقوبة محضة ، بل هي عبادة أو فيها شائبة العبادة ، بخلاف الحد ، ويأتي في صوم المسافر أن الخلاف ليس شبهة في إسقاطها ، ذكر ذلك في منتهى الغاية .
وفي المستوعب وغيره على رواية حنبل : لا يلزمه صوم لا يلزمه شيء من أحكامه ، وحديث أبي هريرة : { صومكم يوم تصومون } رواه الترمذي وقال : حسن غريب ، وفيه عبد الله بن جعفر ، وهو ثقة عندهم ، وتكلم فيه ابن حبان ، وقد رواه أبو داود وابن ماجه ، والإسناد جيد ، فذكر الفطر والأضحى فقط ، ومذهب ( هـ ) إن وطئ فيه فلا كفارة عليه ، وذكره ابن عبد البر قول أكثر العلماء ، كذا قال ، ونقل حنبل : لا يلزمه الصوم ، اختاره شيخنا . قال : ولا غيره . وعلى الأول هل يفطر يوم الثلاثين من صيام الناس ؟ فيه وجهان ذكرهما أبو الخطاب ( م 5 ) ، [ ص: 19 ] ويتوجه عليهما وقوع طلاقه وحل دينه المعلقين به ، واختار صاحب الرعاية يقع ويحل ، وإن رأى هلال شوال وحده لم يفطر ، نقله الجماعة ( و هـ م ) للخبر السابق ، وقاله عمر وعائشة ، واحتمال خطئه وتهمته ، فوجب الاحتياط ، قال شيخنا : وكما لا يعرف وحده ولا يضحي وحده ، قال : والنزاع مبني على أصل وهو أن الهلال هل هو اسم لما يطلع في السماء وإن لم يشتهر [ ولم ير ] أو أنه لا يسمى هلالا إلا بالظهور والاشتهار ، كما يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار ؟ فيه قولان للعلماء ، هما روايتان عن أحمد .
وقال أبو حكيم : يتخرج أن يفطر ، واختاره أبو بكر ، قال ابن عقيل : يجب أن يفطر سرا ( و ش ) لأنه يتيقنه يوم العيد ، وعلل ابن عقيل بما فيه من المفسدة ، كتركه بناء الكعبة على قواعد إبراهيم وقتل المنافقين ، قال : ولأن الحقوق يحكم بها عليه فيما يخصه ، كذا الفطر ، ولما احتج على القاضي بثبوت الحقوق التي عليه أجاب بأنا لا نعرف الرواية في ذلك ، ثم فرق بأنها عليه والفطر حق له ، كاللقيط إذا أقر بأنه عبد يقبل فيما عليه وهو الرق ، ولم يقبل فيما له من إبطال العقود . قيل لابن عقيل : فيجب منع مسافر ومريض وحائض من الفطر ظاهرا ، لئلا يتهم ، فقال : إن كانت أعذارا خفية منع من إظهاره ، كمرض لا أمارة له ومسافر لا علامة عليه ، وذكر القاضي أنه ينكر على من أكل في رمضان ظاهرا ، وإن جاز هناك عذر فظاهره المنع مطلقا ، وقد قال أحمد رحمه الله : أكره المدخل السوء .
وفي الرعاية فيمن رأى [ ص: 20 ] هلال شوال . وعنه : يفطر ، وقيل : سرا ، كذا قال .
وقال صاحب المحرر : لا يجوز إظهار الفطر [ ( ع ) ] قال : والمنفرد بمفازة ليس بقربه بلد يبني على يقين رؤيته ، لأنه لا يتيقن مخالفة الجماعة بل الظاهر الرؤية بمكان آخر .
[ ص: 18 ]


