فصل 
قد سبق أنه لا يجوز خروج المعتكف إلا لما لا بد منه ، فلا يخرج لكل قربة لا تتعين كعيادة مريض وزيارة وشهود جنازة وتحمل شهادة وأدائها وتغسيل ميت وغيره  ، نص عليه ، واختاره الأصحاب ( و ) لما سبق أول الباب ، ولأن منه بدا كغيره ، ولأنه لا يجوز ترك فريضة وهو النذر لفضيلة ،  وعنه    : له ذلك ، روى  أحمد  عن  أبي بكر بن عياش  عن أبي إسحاق  عن عاصم بن ضمرة  عن  علي  قال : المعتكف يعود المريض ويشهد الجنازة ويشهد الجمعة . إسناد صحيح ، قال  أحمد    :  عاصم  حجة 
وعن  أنس  مرفوعا { المعتكف يتبع الجنازة ويعود المريض   } ، رواه  ابن ماجه  من حديث عنبسة بن عبد الرحمن  وهو متروك . 
وروى سعيد    : حدثنا  هشيم  حدثنا مغيرة  عن  إبراهيم  قال : كانوا يحبون للمعتكف أن يشترط هذه الخصال ، وهي له إن لم يشترط عيادة المريض . ولا يدخل سقفا ويأتي الجمعة ويشهد الجنازة ويخرج في الحاجة وقاس  الشيخ  على المشي في حاجة أخيه ليقضيها ، كذا قال ، فعلى الأول إن كان الاعتكاف تطوعا فله أن يخرج منه لذلك ، لأنه لا يلزم بالشروع ، ومقامه على اعتكافه أفضل ، لأنه عليه السلام { كان لا يخرج إلا لحاجة الإنسان   } ، { ولقول  عائشة  إنه عليه السلام  [ ص: 185 ] كان لا يعرج يسأل عن المريض   } ، رواه أبو داود    . 
وقال الشافعية : خروجه لجنازة أفضل ، لأنها فرض كفاية . 
وإن تعينت صلاة جنازة خارج المسجد أو دفن ميت وتغسيله فكشهادة متعينة ، على ما سبق . 
وإن شرط ذلك فله فعله ، نص عليه ، ذكره الترمذي  وغيره عن بعض الصحابة ،  والثوري   وابن المبارك  وإسحاق  ، ورواه  عبد الرزاق  عن  عطاء   والنخعي   وقتادة  ، وذكره البغوي  عن  الشافعي  ، جمعا بين ما سبق ، ولأن في رواية  الأثرم  من قول  علي    : وليأت أهله وليأمرهم بالحاجة وهو قائم . 
وذكر الترمذي   وابن المنذر  عن  أحمد  المنع ( و ) لما سبق . 
فعلى الأول لا يقضي زمن الخروج إذا نذر شهرا مطلقا ، في ظاهر كلام أصحابنا ، كما لو عين الشهر ، قال صاحب المحرر : لو قضاها صار الخروج المستثنى والمشروط في غير الشهر . 
وعند بعض الشافعية : يقضي ، لإمكان حمل شرطه على نفي انقطاع التتابع فقط ، فنزل على الأقل . 
فأما إن شرط ما له منه بد وليس بقربة ويحتاجه كالعشاء في منزله والمبيت [ فيه ]  فعنه    : يجوز ، جزم به  الشيخ  وغيره ، لأنه يجب بعقده ، كالوقف ، لأنه يصير كأنه نذر ما أقامه ، ولتأكد الحاجة إليها وامتناع النيابة فيها ذكره صاحب المحرر وأطلق غيره . 
 وعنه    : المنع ، وجزم به  [ ص: 186 ]  القاضي   وابن عقيل    [ وغيرهما ] واختاره صاحب المحرر وغيره ( م 9 ) لمنافاته الاعتكاف صورة ومعنى ، كشرط ترك الإقامة في المسجد والنزهة والفرجة ، لأنه زمن الخروج في حكم المعتكف ، لأنه لا يجوز أن يفعل فيه غير المشروط . 
وشرطه ما فيه قربة يلائم الاعتكاف بخلاف هذا ، والوقف لا يصح فيه شرط ما ينافيه ، فكذا الاعتكاف . 
     	
		 [ ص: 186 ]  
				
						
						
