وقال الحنفية : إن لم يفسد حجه ولم يضمن النفقة ، لحصول مقصود الأمر ، وعلى الحاج دم جنايته ، لأنه الجاني عن اختيار ، وكذا سائر دماء الكفارات ، وللشافعية خلاف : هل المشروط كالشرعي ؟ فلو عينا جامع بعد الوقوف الكوفة لزم الأجير الدم بمجاوزتها ، في الأصح المنصوص ، فلا ينجبر به الخلل حتى لا تنقص الأجرة ، في أصح القولين ، فيوزع المسمى على حجة من بلدة الكوفة إحرامها منه ، وعلى حجة من بلده إحرامها من حيث أحرم ، وإن لم يلزم الدم نقص قسط من الأجرة . وكذا لو لزمه دم بترك مأمور . ولا تنقص بفعل محظور ، وإن فالخلاف ، وكذا لو شرط أن يحج ماشيا فحج راكبا ، لأنه ترك مقصودا ، كذا خصوا هذه المسألة بالذكر ، وينبغي أن [ ص: 264 ] يكون عكسها مثلها وأولى ، لأن الحج راكبا أفضل عندهم ، ولهم فيه قصد صحيح ، قالوا : ولو صرف إحرامه إلى نفسه ظنا منه ينصرف وأتم الحج على هذا لم يضر ، وقيل : لا يستحق أجرة ، لإعراضه عنها ، وسبق قولهم فيما إذا عين عاما فقدم عليه . ويتوجه أن شرط الإحرام أول شوال فأخره أو إجارة أو جعالة أو وصية أو وقف سواء ، فإما أن يعتبر الشرط والصفة فيه أو لا ، أو يعتبر الأفضل شرعا لا المفضول . ولا يظهر للتفرقة بين هذه الأبواب وجه شرعي ، ولم أجدهم تعرضوا له . وهذا إلزام للحنفية فإن باب الوصية والوقف واحد ، وقد ذكروا ما سبق في الوصية ، ونحن والشافعية لا نقول به ، وليس الوقف عندهم كذلك ، فما الفرق ؟ ونفرض المسألة فيمن المال المأخوذ لعمل قربة على وجه النفقة والرزق ، فإن قيل فيه ما ذكروه هنا فهو المطلوب ويجب تعميمه في كل وقف على عمل قربة ، وإلا فلا فرق ، ويظهر أنه عسر جدا ، يؤيد ذلك ما يأتي في الوقف من الخلاف فيما أخذ منه لعمل قربة هل هو إجارة أو جعالة أو رزق وإعانة فما خرج حكمه عن ذلك . وهذا عند تأمل العالم المنصف قاطع ، فإن لم يسو بين الجميع أعطي حكم كل باب ما في الآخر بالنقل والتخريج ، وظهر من ذلك حيث [ ص: 265 ] اعتبر في وقف لا يكون تركه مانعا من استحقاق شيء رأسا ، كما قاله بعض الناس ، وقد يقال : إنما يوزع وينقص بقدره ، والله أعلم . وقف على الحج عنه كل عام ، أو شرط الإحرام من مكان أو في زمان