وما دون الحمام كسائر الطير يضمنه ( و ) لما روى النجاد عن ابن عباس قال : ما أصيب من الطير دون الحمام ( في الحرم ) ففيه الدية ، ويأتي في الجراد ، ولأنه منع منه لحق الله ، كالحمام ، وعن داود : لا يضمن دون الحمام ، ويضمنه بقيمته مكانه ، كمال الآدمي ، وفي أكبر من الحمام ( إصابته في الحرم ) وجهان :
[ ص: 433 ] أحدهما : يجب فيه شاة ، وروي عن ابن عباس وعطاء وجابر ، وكالحمام بطريق الأولى ، والثاني قيمته ( م 30 - 32 ) ( و ش ) لأنه القياس خولف
[ ص: 434 ] في الحمام ، للصحابة . ولا يجوز إخراج القيمة بل طعاما ، قال القاضي : لا يجوز صرفها في الهدي ، وقيل : يخرج القيمة ، لما يأتي في الجراد وإن أتلف بيض صيد ضمنه ( و ) بقيمته ، نص عليه ، مكانه ، لما روى أحمد : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد عن مطر عن معاوية بن قرة { عن رجل من الأنصار أن رجلا أوطأ بعيره على أدحي نعام فكسر بيضها فقام إلى علي فسأله . فقال له علي : عليك بكل بيضة جنين ناقة أو ضراب ناقة ، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك ، فقال هلم إلى الرخصة ، عليك بكل بيضة صوم يوم أو إطعام مسكين } حديث حسن جيد الإسناد ، وعن أبي المهزم وهو ضعيف متروك عن أبي هريرة مرفوعا ، رواه الدارقطني ، وله ولابن ماجه : ثمنه . وللنجاد مثله من حديث ابن عمر ، وللدارقطني مثله من حديث كعب بن عجرة ، ومن حديث عائشة : صيام يوم لكل بيضة ، وللشافعي عن ابن مسعود وأبي موسى : في بيضة النعامة صوم أو إطعام مسكين ; ولأنه صيد ، لأنه يطلب مثله ، ولا مثل له ، فضمن بقيمته ، كالصيد .
وقال مالك : يضمن بيضة نعامة بعشر قيمة بدنة ، وعن داود : لا شيء فيه ، ولا شيء في بيض مذر أو فرخه ميت ; لأنه لا قيمة له ، قال أصحابنا : إلا بيض
[ ص: 435 ] النعام فإن لقشره قيمة ، واختار الشيخ : لا شيء فيه ، كسائر ما له قيمة من غير الصيد .
وقال الحلواني في الموجز : إن تصور وتخلق في بيضه ففيه ما في جنين صيد سقط بالضربة ميتا ، وعند الحنفية : إن كسر بيض نعامة فقيمته ، فإن خرج منه فرخ ميت فقيمته ، استحسانا ، لأن البيض معد ليخرج منه الفرخ الحي ، فكسره قبل أوانه سبب موته ، والقياس يغرم البيضة فقط ، للشك في حياته ، وعلى الاستحسان لو ضرب بطن صيد فألقى جنينا ميتا وماتت الأم فعليه قيمتها ومن كسر بيضة فخرج منها فرخ حي فعاش فلا شيء فيه ، وسبق قول : يحفظه إلى أن يطير ، وإن جعل بيضا تحت آخر أو مع بيض صيد أو شيئا فنفر عنه حتى فسد أو فسد بنقله ضمنه ، لتلفه بسببه ، وإن صح وفرخ فلا ، وحكم [ بيض ] كل حيوان حكمه ; لأنه جزء منه وفي لبنه قيمته ، كما سبق مكانه ، كحلب حيوان مغصوب ، كذا قيل وفيه نظر ظاهر ، ويضمن الجراد ، ذكره الشيخ عن أكثر العلماء ; لأنه طير في البر يتلفه الماء ، كالعصافير ، ويضمنه بقيمته ( و ش ) لأنه لا مثل له ، وعنه : يتصدق بتمرة عن جرادة .
وقال مالك : عليه جزاؤه بحكم حكمين ، لما رواه عن يحيى بن سعيد أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فسأله عن جرادة قتلها وهو محرم ، فقال عمر لكعب : تعال نحكم ، فقال كعب : درهم ، فقال عمر [ ص: 436 ] لكعب : إنك لتجد الدراهم ، لتمرة خير من جرادة ، وروي أيضا عن زيد بن أسلم أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال : إني أصبت جرادة وأنا محرم ، فقال : أطعم قبضة من طعام . وللشافعي مثله عن ابن عباس ، وله أيضا أن عمر قال لكعب في جرادتين قتلهما ونسي إحرامه ثم ذكره فألقاهما : ما جعلت في نفسك ؟ قال : درهمان ، قال : بخ ، درهمان خير من مائة جرادة ، اجعل ما جعلت في نفسك . وعند الحنفية : يتصدق بما شاء ، فإن قتله أو أتلف بيض طير لحاجة كالمشي عليه فقيل يضمنه ; لأنه [ قتله ] لنفعه كمضطر ، وقيل : لا ; لأنه اضطره كصائل ، وعنه : لا يضمن الجراد ; لأن كعبا أفتى بأخذه وأكله ، فقال عمر : ما حملك أن تفتيهم به ؟ قال : هو من صيد البحر ، قال : وما يدريك ؟ قال : والذي نفسي بيده إن هو إلا نثرة حوت ينثره في كل عام مرتين . رواه مالك وقال ابن المنذر قال ابن عباس : هو من صيد البحر ، ورواه أبو داود من رواية أبي المهزم عن أبي هريرة مرفوعا ، ومن طريق أخرى وقال : الحديثان وهم ، ورواه عن كعب قوله
[ ص: 433 ]


