فأما الخضاب للرجل فذكر الشيخ أنه لا بأس به فيما لا تشبه فيه بالنساء ; لأن الأصل الإباحة ، ولا دليل للمنع ، وأطلق في المستوعب : له الخضاب بالحناء ، وقال في مكان آخر : كرهه أحمد [ قال أحمد ] : لأنه من الزينة .
وقال شيخنا : هو بلا حاجة مختص بالنساء ( و ش ) . ثم احتج بلعن المتشبهين والمتشبهات ، وسبقت مسألة التشبه عند زكاة الحلي . وفي الصحيحين عن أنس { : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل . } نهى عنه للونه لا لريحه ، فإن ريح
[ ص: 455 ] الطيب له حسن ، والحناء في هذا كالزعفران . وعن مفضل بن يونس وهو من الثقات عن الأوزاعي عن أبي يسار القرشي عن أبي هريرة { أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل مخضوب اليدين والرجلين فقال : ما بال هذا ؟ فقالوا : يا رسول الله ، يتشبه بالنساء . فأمر به فنفي إلى البقيع فقالوا : يا رسول الله ألا تقتله ؟ قال : إني نهيت عن قتل المصلين } أبو يسار روى عنه الأوزاعي والليث . ولم أجد فيه سوى قول أبي حاتم : مجهول ، فأراد : مجهول العدالة . وذكر الدارقطني في العلل أن المفضل انفرد بوصله .
وقال أبو موسى : حديث مشهور ، وللطبراني ونحوه بمعناه من حديث أبي سعيد وقد قال الحافظ عمر بن بدر الموصلي : لا يصح في هذا الباب شيء ، وظاهر ما ذكره القاضي أنه كالمرأة في الحناء ; لأنه ذكر المسألة واحدة ( م 35 ) وأنه لا فدية ( هـ ) ثم قال : وقد نقل الميموني :
[ ص: 456 ] الحناء من الزينة . ومن يرخص في الريحان يرخص فيه . ونقل محمد بن حرب وسئل عن الخضاب للمحرم فقال : ليس بمنزلة الطيب ولكنه زينة ، وقد كره الزينة عطاء للمحرم ، وقد احتج غير واحد من فقهاء الحديث كابن جرير وقال العقيلي : لا يصح في هذا المتن شيء ، لخبر بريدة مرفوعا { سيد إدام الدنيا والآخرة اللحم } وفيه { وسيد الشراب في الدنيا والآخرة الماء ، وسيد الرياحين في الدنيا والآخرة الفاغية } وهو الحناء ، رواه ابن شاذان بإسناده ، ويباح لحاجة ، لخبر { سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا اشتكى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم وإذا اشتكى رجله قال : اذهب فاخضبها بالحناء } رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد وله في لفظ : قالت { : كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فما كانت تصيبه قرحة ولا نكتة إلا أمرني أن أضع عليها الحناء } حديث حسن
[ ص: 455 ]


