ويطلق الغلام والجارية والفتى والفتاة على الحر والمملوك ولا تقل : عبدي وأمتي ، كلكم عبيد الله وإماء الله ، ولا يقل العبد لسيده : ربي .
وفي مسلم أيضا : ولا مولاي ، فإن مولاكم الله وظاهر النهي التحريم ، وقد يحتمل أنه للكراهة ، وجزم به غير واحد من العلماء ، كما في شرح مسلم وغيره ، وقد روى أبو داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة مرفوعا { لا يقولن أحدكم . [ ص: 567 ] عبدي وأمتي ، ولا يقول المملوك : ربي وربتي ، وليقل المالك : فتاي وفتاتي ، وليقل المملوك : سيدي وسيدتي ، فإنكم المملوكون والرب الله عز وجل } ورواه أيضا بإسناد صحيح موقوفا قال " وليقل : سيدي ومولاي " ورواه مسلم مرفوعا ، وفي الصحاح : { قوله عليه السلام في أشراط الساعة أن تلد الأمة ربها وربتها } فهذا يقتضي أن النهي للكراهة ، وذكر بعض العلماء أن النهي عن كثرة الاستعمال ، قال أبو جعفر النحاس : لا نعلم بين العلماء خلافا أنه لا ينبغي لأحد أن يقول لأحد من المخلوقين : مولاي ، ولا يقول عبدك ولا عبدي وإن كان مملوكا ، وقد حظر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم على المملوكين ، فكيف للأحرار ؟ وكانت العرب تقول له البدء ، والبدء عند العرب الرئيس الذي ليس فوقه رئيس ، قال : قد حكى أنه يقال في هذا رب ، وحكى الفراء : رب ، بالتخفيف ، إلا أنه ينبغي للمسلمين أن يجتنبوا هذا ، وكذا المولى ، قال : ومحظور أن يكتب : من عبده ، وإن كان الكاتب غلامه ، قال : ومنهم من كره أن يقال : يا سيدي ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم { : لا تقولوا للمنافق سيدنا ، فإنه إن يكن سيدكم فقد أسخطتم الله عز وجل } وهذا الخبر إسناده جيد ، رواه أحمد من حديث بريدة ، ورواه أبو داود ولفظه { لا تقولوا للمنافق سيدا فإنه إن يكن سيدا فقد أسخطتم ربكم عز وجل } ورواه النسائي في اليوم والليلة .
قال أبو جعفر : وأجاز هذا بعضهم ، واحتج بقول النبي . [ ص: 568 ] صلى الله عليه وسلم : { إن ابني سيد } قال أبو جعفر : والقول في هذا أنه لا يجوز أن يقال لمنافق ولا كافر ولا فاسق : يا سيدي ، للحديث ، ويقال لغيرهم ذلك ، للحديث ، كذا قال ، ولا أظن أحدا يجوز أن يقال هذا لمنافق أو كافر ، قال : وينبغي أيضا أن لا يرضى أحد أن يخاطب يا سيدي وأن ينكر ذلك ، { كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : السيد الله عز وجل } ، وهذا الخبر إسناده جيد ، رواه أبو داود في باب كراهية التمادح عن مطرف قال : قال أبي { : انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : أنت سيدنا ، فقال السيد الله تبارك وتعالى قلنا : وأفضلنا فضلا ، وأعظمنا طولا . فقال قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجرينكم الشيطان } ، رواه أحمد ، ورواه النسائي في اليوم والليلة من طرق ، .
وروى أيضا في اليوم والليلة بإسناد جيد عن أنس { أن ناسا قالوا : يا رسول الله ، يا خيرنا وابن خيرنا ، وسيدنا وابن سيدنا ، فقال : يا أيها الناس ، قولوا بقولكم ولا يستهوينكم الشيطان ، أنا محمد عبد الله ورسوله ، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل } قال ابن الأثير في قوله { السيد الله } أي الذي تحق له السيادة ، كأنه كره أن يحمد في وجهه ، وأحب التواضع .


