[ ص: 290 ] وقد قال ابن هبيرة في الإفصاح في حديث أبي موسى من إفراد : البخاري من الأمور المحدثة ، وأول من حبس على الدين الحبس على الدين ، ومضت السنة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شريح القاضي وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أنه لا يحبس على الديون ولكن يتلازم الخصمان ، فأما الحبس الذي هو الآن على الدين لا أعرف أنه يجوز عند أحد من المسلمين ، وذلك أنه يجمع [ الجمع ] الكثير بموضع يضيق [ ص: 291 ] عنهم غير متمكنين من الوضوء والصلاة ، وربما رأى بعضهم عورة بعض ، وإن كانوا في الصيف آذاهم الحر ، وفي الشتاء آذاهم القر ، وربما يحبس أحدهم السنة والسنتين والثلاث ، وربما يتحقق القاضي أن ذلك المحبوس لا جدة له ، وأن أصل حبسه كان على طريق الحيلة من أن ذلك الكاتب للحجة عليه كتب ما لم يعلم لجهله فأسجل فيه عليه بما لا يعرف معناه من إقراره بالملاءة ، وأنه قد حكم به عليه حاكم من حكام المسلمين ، وهذا أمر لم يكن ، وأنه قد وكل فلانا المدير وغير ذلك مما لم يعرف المشهود عليه ما المقصود به ، فإن الله تعالى يقول { وعلي وليكتب بينكم كاتب بالعدل } وقال { وليملل الذي عليه الحق } وقال { فليملل وليه بالعدل } فهذا كله مما قد حدث في الإسلام ، ولقد حرصت مرارا على فك ذلك فحال دونه ما قد اعتاده الناس منه ، وأنا في إزالته حريص . هذا كلامه .
ولا عذر بفوت رفقة ومرض ونحوه ، ذكره في الانتصار .