الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  337 ( وأم ابن عباس وهو متيمم )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا التعليق وصله ابن أبي شيبة والبيهقي أيضا بإسناد صحيح ثم وجه مناسبة هذا للترجمة من حيث إن التيمم وضوء المسلم ، فإذا كان كذلك تجوز إمامة المتيمم للمتوضئ كإمامة المتوضئ ، فدل ذلك على أن التيمم طهارة مطلقة غير ضرورية إذ لو كان ضروريا لكان ضعيفا ، ولو كان ضعيفا لما أم ابن عباس وهو متيمم بمن كان متوضئا ، وهذا مذهب أصحابنا ، وبه قال الثوري والشافعي ، وأحمد وإسحاق وأبو ثور ، وعن محمد بن الحسن : لا يجوز ، وبه قال الحسن بن حيي ، وكره مالك وعبد الله بن الحسن ذلك ، فإن فعل أجزأه ، وقال ربيعة : لا يؤم المتيمم من جنابته إلا من هو مثله ، وبه قال يحيى بن سعيد الأنصاري ، وقال الأوزاعي : لا يؤمهم إلا إذا كان أميرا ، كذا قاله ابن حزم ، وقال أبو طالب : سألت أبا عبد الله عن الجنب يؤم المتوضئين ، قال : نعم ، قد أم ابن عباس أصحابه وفيهم عمار بن ياسر وهو جنب فتيمم ، وعمرو بن العاص صلى بأصحابه وهو جنب ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فتبسم . ( قلت ) حسان بن عطية سمع من عمرو بن العاص ؟ قال : لا ، ولكن يقوى بحديث ابن عباس ( فإن قلت ) قد روي عن جابر مرفوعا " لا يؤم المتيمم المتوضئين " ، وعن علي بن أبي طالب موقوفا " لا يؤم المتيمم المتوضئين ولا المقيد المطلقين " ، ( قلت ) هذان حديثان ضعيفان ، ضعفهما الدارقطني وابن حزم وغيرهما ( فإن قلت ) ذكر أبو حفص بن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ من حديث الزهري عن ابن المسيب عن عمر بن الخطاب مرفوعا " لا يؤم المتيمم المتوضئين " . ( قلت ) لما ذكره ابن شاهين ذكر بعده حديث عمرو بن العاص ثم قال : يحتمل أن يكون هذا الحديث ناسخا للأول ، وهذا الحديث أجود إسنادا من حديث الزهري وإن صح ، فيحتمل أن يكون النهي في ذلك لضرورة وقعت مع وجود الماء ( فإن قلت ) يكون هذا رخصه لعمرو إذ لم ينهه ولم يأمره بالإعادة . ( قلت ) لو كان رخصة له دون غيره لم يقل له أحسنت ، وضحك في وجهه ، وقال بعضهم : هذه المسألة وافق فيها الكوفيون والجمهور على خلاف ذلك . ( قلت ) هذا عكس القضية بل الجمهور على الموافقة يقف عليه من يمعن النظر في الكتب ، وقال هذا القائل أيضا واحتج المصنف لعدم الوجوب بعموم قوله في حديث الباب : " فإنه يكفيك " أي : : ما لم تحدث أو تجد الماء ، وحمله الجمهور على أعم من ذلك أي : : لفريضة واحدة وما شئت من النوافل ، انتهى . ( قلت ) معنى قوله : " فإنه يكفيك " أي : : في كل الصلوات فرضها ونفلها ، وهذا هو معنى الأعمية وليس في قوله لفريضة واحدة وما شئت من النوافل معنى الأعمية لأن معنى الأعمية في شيء أن يكون شاملا لجميع أفراد ذلك الشيء ، وليس لقوله لفريضة واحدة إفراد ، وأما النفل فإنه تبع للفرض ، والتابع ليس له حكم مستقبل بل حكمه حكم المتبوع فافهم .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية