الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  ( ويروى عن ابن عباس ، وجرهد ، ومحمد بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم : الفخذ عورة )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا تعليق بصيغة التمريض ذكره عن ثلاثة أنفس : الأول عن عبد الله بن عباس ، وهو عند الترمذي موصول أخرجه عن واصل بن عبد الأعلى عن يحيى بن آدم عن إسرائيل بن يونس عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الفخذ عورة " ، وقال : هذا حديث حسن غريب ، وأبو يحيى القتات ضعيف ، وهو مشهور بكنيته ، واختلف في اسمه على سبعة أقوال : قيل : مسلم ، وقيل : زاذان ، وقيل : عبد الرحمن بن دينار ، وقيل : يزيد ، وقيل : زيان ، وقيل : عمران ، وقيل : دينار ، وهو المشهور ، والقتات بفتح القاف ، وتشديد التاء المثناة من فوق .

                                                                                                                                                                                  وأما حديث جرهد فأخرجه مالك في الموطأ عن ابن النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه عن جده قال : وكان جدي من أهل الصفة قال : "جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي وفخذي مكشوفة ، فقال : خمر عليك ، أما علمت أن الفخذ عورة" ، قال الدارقطني : روى هذا الحديث أصحاب الموطأ ابن بكير ، وابن وهب ، ومعن ، وعبد الله بن يوسف ، وهو عند القعنبي خارج الموطأ في الزيادات عن مالك ، ولم يذكره ابن القاسم في الموطأ ، ولا ابن عفير ، ولا أبو مصعب ، ورواه عن مالك ابن مهدي ، وإبراهيم بن طهمان ، وعمرو بن مرزوق ، وأبو قرة ، وإسحاق بن عدي ، ومطرف ، وإسماعيل بن أبي أويس ، وفي رواية ابن بكير ، وابن طهمان ومطرف وغيرهم زرعة بن عبد الرحمن عن أبيه من غير ذكر جده ، وعند ابن عساكر : رواه عبد الله بن نافع عن مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه عن جده ، ورواه قبيصة عن الثوري عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده جرهد لم يذكر أباه ، ورواه ابن أبي عمر عن ابن عيينة عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن أبيه عن جده ، وأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي عاصم عن سفيان عن أبي الزناد عن زرعة بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده .

                                                                                                                                                                                  ورواه الترمذي [ ص: 80 ] عن ابن أبي عمر قال : حدثنا سفيان ، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله ، عن زرعة بن مسلم بن جرهد الأسلمي ، عن جده جرهد قال : " مر النبي عليه الصلاة والسلام بجرهد في المسجد ، وقد انكشف فخذه ، وقال : إن الفخذ عورة " . هذا حديث حسن ما أرى إسناده بمتصل ، وقال : حدثنا الحسن بن علي قال : حدثني عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن أبي الزناد قال : أخبرني ابن جرهد عن أبيه " أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مر به وهو كاشف عن فخذه فقال النبي عليه الصلاة والسلام غط فخذك فإنها من العورة " . هذا حديث حسن صحيح ، وأخرجه عن واصل من حديث ابن عباس أيضا ، وقد ذكرناه .

                                                                                                                                                                                  ورواه الشافعي عن سفيان عن أبي الزناد عن آل جرهد ، ولما ذكره ابن القطان أعله بالاضطراب ، وبجهالة حال الراوي عن جرهد ، ولما ذكره البخاري في تاريخه من حديث ابن أبي الزناد عن زرعة عن عبد الرحمن عن جده قال : ورواه صدقة عن ابن عيينة عن أبي الزناد عن آل جرهد ، وعن سالم أبي النضر عن زرعة بن مسلم بن جرهد عن جرهد قال البخاري : ولا يصح ، وقال ابن الحذاء : إنما لم يخرجه البخاري في مصنفه لهذا الاختلاف ، وجرهد بفتح الجيم ، وسكون الراء ، وفتح الهاء ، وفي آخره دال مهملة ، وفي التهذيب : جرهد الأسلمي هو ابن رزاح بن عدي ، وقيل غير ذلك ، له صحبة عداده في أهل المدينة ، له عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حديث واحد : " الفخذ عورة " ، وفي إسناد حديثه اختلاف كثير ، يقال : إنه مات سنة إحدى وستين .

                                                                                                                                                                                  وقال أبو عمر : جعل ابن أبي حاتم جرهد بن خويلد غير جرهد بن رزاح ، ثم قال : هذا وهم ، وهو رجل واحد من أسلم لا يكاد يسلم ، له صحبة ، وأما حديث محمد بن جحش فرواه الطبراني عن يحيى بن أيوب عن سعيد بن أبي مريم عن محمد بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عنه قال : كنت أصلي مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فمر علي معمر ، وهو جالس عند داره بالسوق ، وفخذاه مكشوفتان فقال : يا معمر ، "غط فخذيك ، فإن الفخذين عورة " ، وقال ابن حزم : رواية أبي كثير مجهولة ، وذكره البخاري في تاريخه ، وأشار إلى الاختلاف فيه ، ورواه أحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عنه ، ومحمد بن جحش هو محمد بن عبد الله بن جحش نسب إلى جده ، له ولأبيه عبد الله صحبة ، وزينب بنت جحش أم المؤمنين هي عمته ، وكان محمد صغيرا في عهد النبي عليه الصلاة والسلام ، وقد حفظ عنه ، وقال الواقدي : كان مولده قبل الهجرة لخمس سنين ، هاجر مع أبيه إلى المدينة ، له صحبة والله أعلم . وأما معمر المذكور في الحديث المذكور فهو ابن عبد الله بن فضلة العدوي ، وقد أخرج ابن نافع هذا الحديث من طريقه أيضا .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية