الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  497 168 - حدثنا عمرو بن علي ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا عبيد الله ، قال : حدثنا القاسم ، عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : بئسما عدلتمونا بالكلب والحمار لقد رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ، وأنا مضطجعة بينه وبين القبلة ، فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فقبضتهما .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وبين البخاري في هذا الباب صحة الصلاة ، ولو أصابها بعض جسده ، وبين في الباب السابق صحتها ، ولو أصابها بعض ثيابه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم خمسة ، الأول : عمرو ، بالواو ، ابن علي الفلاس الباهلي . الثاني : يحيى القطان . الثالث : عبيد الله العمري . الرابع : القاسم بن محمد بن أبي بكر . الخامس : عائشة رضي الله تعالى عنها .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في أربعة مواضع ، وفيه العنعنة في موضع واحد ، وفيه أن رواته ما بين بصري ومدني .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وإعرابه ) : قوله : ( بئسما ) كلمة بئس من أفعال الذم ، كما أن كلمة نعم من أفعال المدح ، وشرطهما أن يكون الفاعل المظهر فيهما معرفا باللام ، أو مضافا إلى المعرف بها ، أو مضمرا مميزا بنكرة منصوبة ، وهاهنا يجوز الوجهان ، الأول : أن تكون ما بمعنى الذي ، ويكون فاعلا لبئس ، والجملة أعني قوله : ( عدلتمونا ) صلة له ويكون المخصوص بالذم محذوفا ، والتقدير : بئس الذي عدلتمونا بالحمار ذلك الفعل ، والوجه الثاني : أن يكون فاعل بئس مضمرا مميزا ، وتكون الجملة بعده صفة له ، والمخصوص بالذم أيضا محذوفا ، والتقدير : بئس شيئا ما عدلتمونا بالحمار شيء ، وفي الوجهين المخصوص بالذم مبتدأ ، وخبره الجملة التي قبله ، ومعنى عدلتمونا جعلتمونا مثله ، وقد مر الكلام فيه مستوفى في باب الصلاة على الفراش ، قولها : ( لقد رأيتني ) بضم التاء ، وكون الفاعل والمفعول ضميرين لشيء واحد من خصائص أفعال القلوب ، والتقدير : لقد رأيت نفسي ، وقال الكرماني : إن كانت الرؤية بمعناها الأصلي ، فلا يجوز حذف أحد مفعوليه ، وإن كانت بمعنى الإبصار ، فلا يجوز اتحاد الضميرين ، ثم أجاب بقول الزمخشري ، فإنه قال في قوله تعالى : ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا جاز حذف أحدهما ؛ لأنه مبتدأ في الأصل ، فيحذف كالمبتدأ ، ثم قال الكرماني : هذا مخالف لقوله في المفصل ، وفي سائر مواضع الكشاف : لا يجوز الاقتصار على أحد مفعولي الحسبان ، ثم أجاب عنه بأنه روي عنه أيضا أنه إذا كان الفاعل ، والمفعول عبارة عن [ ص: 306 ] شيء واحد جاز الحذف ، وأمكن الجمع بينهما بأن القول بجواز الحذف فيما إذا اتحد الفاعل والمفعول معنى ، والقول بعدمه فيما إذا كان بينهما الاختلاف ، والحديث هو من القسم الأول ، إذ تقديره : رأيت نفسي معترضة ، أو أعطي للرؤية التي بمعنى الإبصار حكم الرؤية التي من أفعال القلوب ، قولها : ( ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ) جملة اسمية وقعت حالا على الأصل ، أعني بالواو ، وكذلك قولها : ( وأنا مضطجعة ) قولها : ( غمز رجلي ) ، قال الجوهري : غمزت الشيء بيدي ، وقال الشاعر :


                                                                                                                                                                                  وكنت إذا غمزت قناة قوم كسرت كعوبها أو تستقيما



                                                                                                                                                                                  وغمزته بعيني ، قال تعالى : وإذا مروا بهم يتغامزون والمراد هنا الغمز باليد ، وفي رواية للبخاري : ( فإذا سجد غمزني فقبضت برجلي ، وإذا قام بسطتهما ) ، وفي رواية الطحاوي : ( فإذا سجد غمزني فرفعتهما فقبضتهما ، فإذا قام مددتهما ) ، وفي رواية : ( غمزها برجله ، فقال : تنحي ) ، وفي رواية لأبي داود : ( فإذا أراد أن يسجد ضرب رجلي فقبضتهما فسجد ) ، وفي رواية له : ( فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي فضممتهما إلي ، ثم سجد ) ثم ما يتعلق بالأحكام قد ذكرناه مستوفى في باب الصلاة على الفراش .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية