الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  338 ( ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمم وتلا : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فذكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعنفه )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  عمرو بن العاص القريشي السهمي ، أبو عبد الله ، قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنة ثمان قبل الفتح مسلما ، وهو من زهاد قريش ، ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - على عمان ولم يزل عليها حتى قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - روي له سبعة وثلاثون حديثا ، للبخاري ثلاثة ، مات بمصر عاملا عليها سنة ثلاث وأربعين على المشهور يوم الفطر ، صلى عليه ابنه عبد الله ثم صلى العيد بالناس . قوله : " ويذكر " تعليق بصيغة التمريض ، ووصله أبو داود وقال : حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا وهب بن جرير قال : حدثنا أبي قال : سمعت يحيى بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص قال : " احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل ، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك ، فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح ، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب ؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال و : ( قلت ) : إني سمعت الله تعالى يقول : ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما فضحك نبي الله - عليه الصلاة والسلام - ولم يقل شيئا " ورواه الحاكم أيضا . قوله : " في غزوة ذات السلاسل " وهي وراء وادي القرى ، بينها وبين المدينة عشرة أيام ، وقيل : سميت بها لأنها بأرض جذام ، يقال له : السلسل ، وكانت في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة . قوله : " فأشفقت " أي : خفت . قوله : " فلم يعنفه " أي : لم يعنفه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني لم ينكر عليه ، كذا لم يعنفه بالضمير في رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره : فلم يعنف " بدون الضمير ، حذف للعلم به وعدم تعنيفه إياه دليل الجواز والتقرير ، وبه علم عدم إعادة الصلاة التي صلاها بالتيمم في هذه الحالة ، وهو حجة على من يأمره بالإعادة ، ودل أيضا على جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك سواء كان للبرد أو لغيره ، وسواء كان في السفر أو في الحضر ، وسواء كان جنبا أو محدثا . وفيه دلالة على جواز الاجتهاد في عصره .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية