الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  475 146 - حدثنا المكي ، قال : حدثنا يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة ، قال : كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة من حيث إنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يقوم بجنب المنبر ؛ لأنه لم يكن لمسجد محراب ، فتكون مسافة ما بينه وبين الجدار نظير ما بين المنبر والجدار ، فكأنه قال : الذي ينبغي أن يكون بين المصلي وسترته قدر ما كان بين منبره والجدار القبلي ، وقيل غير ذلك ، تركناه ؛ لأنه لا طائل تحته . ( ذكر رجاله ) : وهم ثلاثة ، قد سبقوا بهذا الإسناد في باب اسم من كذب على النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، وسلمة بفتح اللام هو ابن الأكوع الصحابي ، وهذا من ثلاثيات البخاري رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه العنعنة في موضع واحد ، وفيه أن اسم شيخ البخاري على صورة النسبة إلى مكة ، والحديث أخرجه مسلم أيضا ، وهو موقوف على سلمة ، ولكن في الأصل مرفوع يدل عليه ما رواه الإسماعيلي من طريق أبي عاصم ، عن يزيد بن أبي عبيد بلفظ : ( كان المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينه وبين حائط القبلة إلا قدر ما يمر العنز )

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله : ( المسجد ) ، أي : مسجد النبي عليه الصلاة والسلام . قوله : ( عند المنبر ) من تتمة اسم كان ، أي : الجدار الذي كان عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وخبر كان الجملة ، أعني قوله : ما كادت الشاة ( تجوزها ) ، ويجوز أن يكون الخبر هو قوله : ( عند المنبر ) . وقوله : ( ما كادت الشاة ) استئنافا ، تقديره : إذا كان الجدار عند المنبر فما مقدار المسافة بينهما ؟ فأجاب : ما كادت الشاة تجوزها ، أي : مقدار ما كادت الشاة تجوز المسافة ، وليس بإضمار قبل الذكر ؛ لأن سوق الكلام يدل عليه ، ثم اعلم أن كاد من أفعال المقاربة ، وخبره يكون فعلا مضارعا بغير أن كما في هذه الرواية ، ويروى أن تجوزها . ( ( فإن قلت ) ) : ما وجه دخول أن ؟ ( قلت ) : قد تدخل أن على خبر كاد كما تحذف من خبر عسى ، إذ هما أخوان يتعارضان . ( ( فإن قلت ) ) : إذا دخل حرف النفي على كاد يكون النفي كما في سائر الأفعال ، فما حكمه هاهنا ؟ ( قلت ) : القواعد النحوية تقتضي النفي ، والموافق هاهنا الإثبات للحديث الأول ، وهذا الحديث والذي قبله يدلان على أن القرب من السترة مطلوب ، وقال ابن القاسم ، عن مالك : ليس من الصواب أن يصلي وبينه وبين السترة صفان ، وروى ابن المنذر ، عن مالك : أنه تباعد عن سترته ، وأن شخصا قال له : أيها المصلي ، ألا تدنو من سترتك ؟ فمشى الإمام إليها وهو يقول : وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية