قال : وإذا فالكراء لازم له لا ينفسخ بموت المكتري ولا المكرى ، ولا بحال أبدا ما دامت الدار قائمة ، فإذا دفع الدار إلى المكتري كان الكراء لازما للمكتري كله إلا أن يشترط عند عقدة الكراء أنه إلى أجل معلوم فيكون إليه كالبيوع وقال بعض الناس تكارى الرجل الدار من الرجل ثم ذكر أشياء يفسخها بها قد يكون مثلها ، ولا يفسخها به ( قال تفسخ الإجارات بموت أيهما مات ويفسخها بالعذر ) فقيل لبعض من يقول هذا القول أقلت هذا بخبر ؟ قال : روينا عن الشافعي أنه قال : إذا ألقى المفتاح برئ فقيل : له أكذا نقول بقول شريح شريح لا يرى الإجارة لازمة ويرى أن لكل واحد منهما فسخها بلا موت ، ولا عذر قال : هكذا قال : فشريح ولسنا نأخذ بقوله قيل فلم تحتج بما تخالف فيه وتزعم أنه ليس بحجة ؟ قال : فما عندنا فيه خبر ، ولكنه يقبح أن يتكارى رجل منزلا يسكنه فيموت وولده لا يحتاجون إليه فيقال إن شئتم فاسكنوه وهم أيتام ويقبح أن يموت المؤجر فيتحول ملك الدار لغيره فتكون الدار لولده والميت لا يملك شيئا ويسكنها المستأجر بأمر الميت والميت لا أمر له حين مات فقيل له : أو يملكها الوارث إلا بملك الميت ؟ قال : لا قيل : أفيزيد الوارث أبدا على أن يقوم إلا مقام الميت فيها ؟ قال : لا قلنا فالميت قبل موته كان يقدر أن يفسخ هذه الإجارة عن داره ساعة واحدة قبل انقضاء مدتها عندك من غير عذر ؟ قال : لا ، قيل : أفيكون الوارث الذي إنما ملك عن الميت الكل ، أو البعض أحسن حالا من المالك ؟ . شريح
قال : فهل رأيت ملكا ينتقل ويملك على من انتقل إليه فيه شيء ؟ قلنا الذي وصفنا لك من أنه إنما ملك ما كان الميت يملك كاف لك منه ونحن نوجدك ملكا ينتقل ويملك على من انتقل إليه فيه شيء قال : وأين ؟ قلنا : أرأيت قال : لا . قلنا ولم ، وقد انتقل ملك الدار فصار للوارث ؟ قال : إنما يملكها الوارث كما كان يملكها الميت والميت قد أوجب فيها حقا لم يكن له فسخه إلا بإيفاء الغريم حقه فالوارث أولى أن لا يفسخه ، قلنا فلا نسمعك تقبل مثل هذا ممن يحتج به عليك في الإجارة وتحتج به في الرهن ، ولا بد من أن تكون تاركا للحق في رده في [ ص: 32 ] الإجارة ، أو في إنفاذه في الرهن ; لأن حالهما واحد قد أوجب الميت في كليهما حقا عندنا ، وعندك فلا نفسخه بوجه حتى يستوفيه من أوجبه له عندنا بحال ، وعندك إلا من عذر ثم تفسخه بعد الموت في الإجارة مما لا يكون عذرا في حياة المؤاجر والعذر أيضا شيء ما وضعته أنت لا أثرا ، ولا معقولا وأنت لا تفسخه بعذر ، ولا غير عذر في الرهن وما بينهما في هذا فرق كلاهما أوجب له فيه مالكه حقا جائزا عندنا ، وعندك فإما أن يثبتا معا بكل حال وإما أن يزول أحدهما بشيء فيزول الآخر ، أرأيت لو قال لك قائل : وضعت العذر تفسخ به الإجارة وأنا أبطله في الإجارة وأضعه في الرهن فأفسخ به الرهن أتكون الحجة عليه ؟ إلا أن يقال : ما ثبت فيه حق لمسلم وكان الحق حلالا لم يفسخه عذر ، وقد تقدمه الحق الواجب عند المسلمين . رجلا رهن رجلا دارا تسوى ألفا بمائة ثم مات الراهن أينفسخ الرهن ؟
( قال ) مع كثير من مثل هذا يقولونه من ذلك الشافعي فإن أراد منع الموصى له بالنزول قيل : ليس ذلك لك أنت للدار مالك ، ولهذا شرط في النزول ، ولا تملك عن أبيك إلا ما كان يملك ، ولا يكون لك فيها أكثر مما كان له ( قال الرجل يوصي للرجل برقبة داره ولآخر أن ينزلها في كل سنة عشرة أيام ثم يموت الموصى له برقبة الدار فيملك وارثه الدار ) فأما قوله إن مات المستأجر فلا حاجة بالورثة إلى المسكن ، فلو قاله غيره أشبه أن يقول له لست تعرف ما تقول الشافعي