الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) وما نحل ، أو ما تصدق به على رجل بعينه فهو مثل الهبات لا يختلف ; لأنه لا يملك من هذا شيء إلا بالقبض وكل ما لا يملك إلا بالقبض فحكمه حكم واحد لا يختلف ، ألا ترى أن الواهب والناحل والمتصدق لو مات قبل أن يقبض الموهوب له والمنحول والمتصدق عليه ما صير لكل واحد منهم بطل ما صنع وكان مالا من مال الواهب الناحل المتصدق لورثته ؟ أولا ترى أن جائزا لمن أعطى هذا أن يرده على معطيه فيحل لمعطيه ملكه ويحل لمعطيه شراؤه منه وارتهانه منه ويرثه إياه فيملكه كما كان يملكه قبل خروجه من يده ؟

( قال الشافعي ) ولو كانت دار رجل أو عبده في يدي رجل بسكنى أو إجارة ، أو عارية فقال : قد وهبت لك الدار التي في يديك وكنت قد أذنت لك في قبضه لنفسك كانت هذه هبة مقبوضة للدار والعبد الذي في يديه ، ثم لم يحدث له منعا لما وهب له حتى مات علم أنه لها قابض

( قال الشافعي ) وما كان يجوز بالكلام دون القبض مخالف لهذا وذلك الصدقات المحرمات ، فإذا تكلم بها المتصدق وشهد بها عليه فهي خارجة من ملكه تامة لمن تصدق بها عليه لا يزيدها القبض تماما ، ولا ينقص منها ترك ذلك وذلك أن المخرج لها من ملكه أخرجها بأمر منعها به أن يكون ملكه منها متصرفا فيما يصرف فيه المال من بيع وميراث وهبة ورهن وأخرجها من ملكه خروجا لا يحل له أن يعود إليه بحال فأشبهت العتق في كثير من أحكامها ، ولم تخالفه إلا في المعتق يملك منفعة نفسه وكسبها وأن منفعة هذه مملوكة لمن جعلت له وذلك أنها لا تكون مالكة ، وإنما منعنا من كتاب الآثار في هذا أنه موضوع في غيره ، فإذا تكلم بالصدقة المحرمة صحيحا ، ثم مرض ، أو مريضا ، ثم صح فهي جائزة خارجة من ماله ، وإذا كان تكلم بها مريضا فلم يصح فهي من ثلثه جائزة بما تصدق به لمن جازت له الوصية بالثلث ومردودة عمن ترد عنه الوصية بالثلث .

التالي السابق


الخدمات العلمية