( قال ) رحمه الله تعالى الشافعي لأن الله عز وجل يقول { ولا للإمام إذا رمى رجل رجلا بزنا أو حدا أن يبعث إليه ويسأله عن ذلك ولا تجسسوا } ( قال ) وإن شبه على أحد { أنيسا إلى امرأة رجل فقال إن اعترفت فارجمها } فتلك امرأة ذكر أبو الزاني بها أنها زنت فكان يلزمه أن يسأل فإن أقرت حدث وسقط الحد عمن قذفها وإن أنكرت حد قاذفها وكذلك لو كان قاذفها زوجها لزمه الحد إن لم تقر وسقط عنه إن أقرت ولزمها فلا يجوز والله أعلم أن يحد رجل لامرأة ولعلها تقر بما قال ولا يترك الإمام الحد لها وقد سمع قذفها حتى تكون تتركه فلما كان القاذف لامرأته إذا التعن لو جاء المقذوف بعينه يطلب حده لم يؤخذ له الحد في القذف الذي يطلبه المقذوف بعينه لم يكن لمسألة المقذوف معنى إلا أن يسأل ليحد ولم يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما سأل المقذوفة والله أعلم للحد الذي يقع لها إن لم تقر بالزنا ، ولم يلتعن الزوج . أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث
ولو أقرت بالزنا لم تحد زوجها ولم يلتعن وجلدت أو رجمت وإن رجعت لم تحد لأن لها فيما أقرت به من حد الله عز وجل الرجوع ولم يحد زوجها لأنها مقرة بالزنا ولما حكى شهود المتلاعنين مع حداثته وحكاه سهل بن سعد استدللنا على أن اللعان لا يكون إلا بمحضر طائفة من المؤمنين لأنه لا يحضر أمرا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستره ولا يحضره إلا وغيره حاضر له وكذلك جميع حدود الزنا يشهدها طائفة من المؤمنين أقلهم أربعة لأنه لا يجوز في شهادة الزنا أقل منهم وهذا يشبه قول الله عز وجل في الزانيين { ابن عمر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } وقال في حديثه فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال سهل بن سعد ابن أبي ذئب في حديث وابن جريج سهل وكانت سنة المتلاعنين .
وقال ابن شهاب في حديث مالك فكانت سنة المتلاعنين فاحتمل معنيين أحدهما أنه وإبراهيم بن سعد فكان ذلك إليه لم يكن اللعان فرقة حتى يجددها الزوج ولم يجبر الزوج عليها ، وقد روي عن إن كان طلقها قبل الحكم مثل معنى هذا القول ولو كان هذا هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعيب على المطلق ثلاثا أن يطلقها لأنه لو لم يكن له أن يطلقها إلا واحدة قال لا تفعل مثل هذا والله أعلم فسأل وإذ لم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم عن الطلاق ثلاثا بين يديه فلو كان طلاقه إياها كصمته عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان اللعان فرقة فجهله المطلق ثلاثا أشبه والله أعلم أن يعلمه أنه ليس له أن يطلق ثلاثا في الموضع الذي ليس له فيه الطلاق ويحتمل طلاقه ثلاثا أن يكون بما وجد في نفسه بعلمه بصدقه وكذبها وجراءتها على اليمين طلقها ثلاثا جاهلا بأن اللعان فرقة فكان [ ص: 139 ] كمن طلق من طلق عليه بغير طلاقه وكمن شرط العهدة في البيع والضمان والسلف وهو يلزمه شرط أو لم يشرط فإن قال قائل ما دل على أن هذا المعنى أولى المعاني به ؟ قيل قال سعيد بن المسيب سهل بن سعد وابن شهاب ففارقها حاملا فكانت تلك سنة المتلاعنين فمعنى قولهما الفرقة لا أن سنة المتلاعنين أنه لا تقع فرقة إلا بطلاقه ولو كان ذلك كذلك لم يكن عليه أن يطلق وزاد { ابن عمر } وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم غير فرقة الزوج إنما هو تفريق حكم . عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرق بين المتلاعنين
فإن قال قائل هذان حديثان مختلفان فليسا عندي مختلفين وقد يكون شهد متلاعنين غير المتلاعنين اللذين شهدهما ابن عمر سهل وأخبر عما شهد وأخبر سهل عما شهد فيكون اللعان إذا كان فرقة بطلاق الزوج وسكوته سواء أو يكون شهد المتلاعنين اللذين شهد ابن عمر سهل فسمع النبي صلى الله عليه وسلم حكم أن اللعان فرقة فحكى أنه فرق بين المتلاعنين سمع الزوج طلق أو لم يسمعه وذهب على سهل حفظه أو لم يذكره في حديثه وليس هذا اختلافا هذا حكاية لمعنى بلفظين مختلفين أو مجتمعي المعنى مختلفي اللفظ أو حفظ بعض ما لم يحفظ من حضر معه ولما { } دل على ما وصفت في أول المسألة من أنه يحكم على ما ظهر له والله ولي ما غاب عنه ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين حسابكما على الله أحدكما كاذب } استدللنا على أن المتلاعنين لا يتناكحان أبدا إذ لم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تكذب نفسك أو تفعل كذا أو يكون كذا كما قال الله تبارك وتعالى في المطلق الثالثة { لا سبيل لك عليها فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا } واستدللنا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفى الولد وقد قال عليه الصلاة والسلام { } ولا يجوز أن ينفي الولد والفراش ثابت . الولد للفراش
فإن قال قائل فيزول الفراش عند النفي ويرجع إذا أقر به قيل له لما { } دل ذلك على أن ليس له الرجوع بالصداق الذي قد لزمه بالعقد والمسيس مع العقد وكانت الفرقة من قبله جاءت فإن قال قائل على أن الفرقة جاءت من قبله وقد رماها بالزنا قيل له قد كان يحل له المقام معها وإن زنت وقد يمكن أن يكون كذب عليها فالفرقة به كانت لأنه لم يحكم عليه بها إلا بقذفه والتعانه وإن كانت هي لها سببا كما يكون سببا للخلع فيكون من قبله من قبل أنه لو شاء لم يقبل الخلع والملاعن ليس بمغرور من نكاح فاسد ولا بحرام وما أشبهه يرجع بالمهر على من غره ولما قال سأل زوج المرأة الصداق الذي أعطاها قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها ، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها أو منه في حديث ابن جريج سهل الذي حكى فيه حكم النبي صلى الله عليه وسلم بين المتلاعنين أنها كانت حاملا فأنكر حملها فكان ولدها ينسب إلى أمه دل ذلك على معان منها قد شبه على بعض من ينسب إلى العلم فيها أنه رماها بالزنا ورميه إياها بالزنا يوجب عليه الحد أو اللعان ومنها أنه أنكر حملها فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما بالرمي بالزنا وجعل الحمل إن كان منفيا عنه إذ زعم أنه من الزنا وقال إن جاءت به كذا فهو للذي يتهمه فجاءت به على ذلك النعت .