الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال الشافعي ) وإذا ابتدأت المرأة بترك تأدية حق الله تعالى ثم نال منها الزوج ماله من أدب لم يحرم عليه أن يأخذ الفدية وذلك أن حبيبة جاءت تشكو شيئا ببدنها نالها به ثابت ثم أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفتدي وأذن لثابت في الأخذ منها وذلك أن الكراهة من حبيبة كانت لثابت وأنها تطوعت بالفداء ( قال الشافعي ) وعدتها إذا كان دخل بها عدة مطلقة وكذلك كل ناكح كان يعد فسخا أو طلاقا صحيحا كان أو فاسدا فالعدة أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنه في رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه بعد فقال يتزوجها إن شاء لأن الله عز وجل يقول { الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } إلى قوله { أن يتراجعا } أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا سفيان عن عمرو عن عكرمة قال كل شيء أجازه المال [ ص: 123 ] فليس بطلاق أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن جهمان مولى الأسلميين عن أم بكرة الأسلمية أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن أسيد ثم أتيا عثمان في ذلك فقال هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما سميت .

( قال الشافعي ) ولا أعرف جهمان ولا أم بكرة بشيء يثبت به خبرهما ولا يرده ، وبقول عثمان نأخذ وهي تطليقة وذلك أني رجعت الطلاق من قبل الزوج ومن ذهب مذهب ابن عباس كان شبيها أن يقول قول الله تبارك وتعالى { فلا جناح عليهما فيما افتدت به } يدل على أن الفدية هي فسخ ما كان له عليها وفسخ ما كان عليها لا يكون إلا بفسخ العقد وكل أمر نسب فيه الفرقة إلى انفساخ العقد لم يكن طلاقا إنما الطلاق ما أحدث والعقدة قائمة بعينها وأحسب من قال هذا منهم إنما أرادوا أن الخلع يكون فسخا إن لم يسم طلاقا وليس هكذا حكم طلاق غيره فهو يفارق الطلاق بأنه مأذون به لغير العدة وفي غير شيء ( قال الشافعي ) ومن ذهب المذهب الذي روي عن عثمان أشبه أن يقول العقد كان صحيحا فلا يجوز فسخه وإنما يجوز إحداث طلاق فيه فإذا أحدث فيه فرقة عدت طلاقا وحسبت أقل الطلاق إلا أن يسمى أكثر منها وإنما كان لا رجعة له بأنه أخذ عوضا والعوض هو ثمن فلا يجوز أن يملك الثمن ويملك المرأة ومن ملك ثمنا لشيء خرج منه لم يكن له الرجعة فيما ملكه غيره ومن قال : هذا معارض بقول ابن عباس قال أو لست أجد العقد الصحيح ينفسخ في ردة أحد الزوجين . وفي الأمة تعتق وفي امرأة العنين تختار فراقه وعند بعض المدنيين في المرأة يوجد بها جنون أو جذام أو برص والرجل يوجد به أحد ذلك فيكونان بالخيار في المقام أو الفرقة وإنما الفرقة فسخ لا إحداث طلاق فإذا أذن الله تبارك وتعالى بالفدية وأذن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فاسخة .

التالي السابق


الخدمات العلمية