الإحصار
( قال ) الإحصار الذي ذكره الله تبارك وتعالى فقال : { الشافعي فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي } نزلت يوم الحديبية { وأحصر النبي صلى الله عليه وسلم بعدو : ونحر عليه الصلاة والسلام في الحل } ، وقد قيل : نحر في الحرم وإنما ذهبنا إلى أنه نحر في الحل ; وبعضها في الحرم ، لأن الله عز وجل يقول { وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله } والحرام كله محله عند أهل العلم ، فحيثما ، ذبح شاة وحل ، ولا قضاء عليه ، إلا أن يكون حجه حجة الإسلام فيحجها ، وهكذا السلطان إن حبسه في سجن أو غيره ، وهكذا العبد يحرم بغير إذن سيده ، وكذلك المرأة تحرم بغير إذن زوجها ، لأن لهما أن يحبساهما وليس هذا للوالد على الولد ، ولا للولي على المولى عليه . ولو تأنى الذي أحصر رجاء أن يخلى ، كان أحب إلي ، فإذا رأى أنه لا يخلى حل ; وإذا حل ثم خلي ، فأحب إلي لو جدد إحراما ، وإن لم يفعل فلا شيء عليه ، لأني إذا أذنت له أن يحل بغير قضاء ، لم أجعل عليه العودة . وإذا لم يجد شاة يذبحها للفقراء ، فلو صام عدل الشاة قبل أن يحل ، كان أحب إلي ، وإن لم يفعل وحل ، رجوت أن لا يكون عليه شيء ، ومتى أصابه أذى وهو يرجو أن يخلي ; نحاه عنه وافتدى في موضعه كما يفتدي أحصر الرجل ، قريبا كان أو بعيدا ، بعدو حائل ، مسلم أو كافر ، وقد أحرم الحرم ، وكان مخالفا لما سواه لمن قدر على المحصر إذا خلي عنه في غير الحرم ، ذلك لا يجزيه إلا أن يبلغ هديه الحرم .