[ ص: 70 ] المسألة الثالثة ) المشهور عندنا قبول ، وإن كان القذف كبيرة اتفاقا ، وقاله شهادة القاذف قبل جلده رضي الله عنه وردها أبو حنيفة عبد الملك ومطرف والشافعي رضي الله عنهم لنا أنه قبل الجلد غير فاسق لأنه ما لم يفرغ من جلده يجوز رجوع البينة أو تصديق المقذوف له فلا يتحقق الفسق إلا بعد الجلد ، والأصل استصحاب العدالة والحالة السابقة احتجوا بوجوه : ( الأول ) أن الآية اقتضت ترتيب الفسق على القذف ، وقد تحقق القذف فيتحقق الفسق سواء جلد أم لا . وابن حنبل
( الثاني ) أن الجلد فرع ثبوت الفسق فلو توقف الفسق على الجلد لزم الدور .
( الثالث ) أن الأصل عدم قبول الشهادة إلا حيث تيقن العدالة ، ولم تتيقن هنا فترد . والجواب عن الأول أن الآية اقتضت صحة ما ذكرناه ، وبطلان ما ذكرتموه لأن الله تعالى قال { فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون } فرتب رد الشهادة والفسق على الجلد وترتب الحكم على الوصف يدل على علية ذلك الوصف لذلك الحكم فيكون الجلد هو السبب المفسق فحيث لا جلد لا فسوق .
وهو مطلوبنا أو عكس مطلوبكم ، وعن الوجه الثاني أن الجلد فرع ثبوت الفسق ظاهرا ظهورا ضعيفا لجواز رجوع البينة أو تصديق المقذوف فإذا أقيم الجلد قوي الظهور بإقدام البينة وتصميمها على أذيته ، وكذلك المقذوف [ ص: 70 ] وحينئذ نقول إن مدرك رد الشهادة إنما هو الظهور القوي لأنه المجمع عليه ، والأصل بقاء العدالة السابقة .