الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 70 ] المسألة الثالثة ) المشهور عندنا قبول شهادة القاذف قبل جلده ، وإن كان القذف كبيرة اتفاقا ، وقاله أبو حنيفة رضي الله عنه وردها عبد الملك ومطرف والشافعي وابن حنبل رضي الله عنهم لنا أنه قبل الجلد غير فاسق لأنه ما لم يفرغ من جلده يجوز رجوع البينة أو تصديق المقذوف له فلا يتحقق الفسق إلا بعد الجلد ، والأصل استصحاب العدالة والحالة السابقة احتجوا بوجوه : ( الأول ) أن الآية اقتضت ترتيب الفسق على القذف ، وقد تحقق القذف فيتحقق الفسق سواء جلد أم لا .

( الثاني ) أن الجلد فرع ثبوت الفسق فلو توقف الفسق على الجلد لزم الدور .

( الثالث ) أن الأصل عدم قبول الشهادة إلا حيث تيقن العدالة ، ولم تتيقن هنا فترد . والجواب عن الأول أن الآية اقتضت صحة ما ذكرناه ، وبطلان ما ذكرتموه لأن الله تعالى قال { فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون } فرتب رد الشهادة والفسق على الجلد وترتب الحكم على الوصف يدل على علية ذلك الوصف لذلك الحكم فيكون الجلد هو السبب المفسق فحيث لا جلد لا فسوق .

وهو مطلوبنا أو عكس مطلوبكم ، وعن الوجه الثاني أن الجلد فرع ثبوت الفسق ظاهرا ظهورا ضعيفا لجواز رجوع البينة أو تصديق المقذوف فإذا أقيم الجلد قوي الظهور بإقدام البينة وتصميمها على أذيته ، وكذلك المقذوف [ ص: 70 ] وحينئذ نقول إن مدرك رد الشهادة إنما هو الظهور القوي لأنه المجمع عليه ، والأصل بقاء العدالة السابقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية