( مسألة ) . أطلق المالكية وجماعة معهم الكفر على الساحر ، وأن كفر ، ولا شك أن هذا قريب من حيث الجملة غير أنه عند الفتيا في جزئيات الوقائع يقع فيه الغلط العظيم المؤدي إلى هلاك المفتي والسبب في ذلك أنه إذا قيل للفقيه ما هو السحر ، وما حقيقته ؟ حتى يقضى [ ص: 136 ] بوجوده على كفر فاعليه يعسر عليه ذلك جدا فإنك إذا قلت له : السحر والرقى والخواص والسيميا والهيميا وقوى النفوس شيء واحد وكلها سحر أو بعض هذه الأمور سحر وبعضها ليس بسحر فإن قال الكل سحر يلزمه أن سورة الفاتحة سحر ؛ لأنها رقية إجماعا ، وإن قال بل لكل واحدة من هذه خاصية يختص بها فيقال بين لنا خصوص كل واحد منها ، وما به تمتاز وهذا لا يكاد يعرفه أحد من المتعرضين للفتيا ، وأنا طول عمري ما رأيت من يفرق بين هذه الأمور فكيف يفتي أحد بعد هذا بكفر شخص معين أو بمباشرة شيء معين بناء على أن ذلك سحر وهو لا يعرف السحر ما هو ؟ ، ولقد وجد في بعض المدارس بعض الطلبة عنده كراسة فيها آيات للمحبة والبغضة والتهييج والنزيف وغير ذلك من الأمور التي تسميها السحر المغاربة علم المخلاة فأفتوا بكفره ، وإخراجه من المدرسة بناء على أن الأمور سحر ، وأن السحر كفر وهذا جهل عظيم وإقدام على شريعة الله بجهل وعلى عباده بالفساد من غير علم فاحذر هذه الخطة الردية المهلكة عند الله وستقف في الفرق الذي بعد هذا على الصواب في ذلك إن شاء الله تعالى .