"والشطبة" بفتح الشين ، وسكون الطاء : هي ما شطب من جريد النخل . أي : شق . وهي السعفة الخضراء . لأن الجريدة تشقق منها : قضبان رقاق ، ينسج منها الحصر .
قال النووي : مرادها : أنه مهفهف ، خفيف اللحم : كالشطبة . وهو مما يمدح به الرجل .
قال (في التحفة) : المراد بمسلولها: "القضيب الدقيق" الذي [ ص: 470 ] يسل منها ، فينسج من أمثاله : الحصير ونحوه .
قال : وهذا هو الأظهر ، والأنسب بمقام المدح . انتهى.
وقال ، وغيره : أرادت بقولها : "كمسل شطبة" : أنه كالسيف ، سل من غمده . زاد ابن الأعرابي القسطلاني : والعرب تشبه الرجل بالسيف ، لخشونة جانبه ، ومهابته . أو لجماله ، ورونقه ، وكمال لألائه ؛ أو لكمال صورته : في استوائها ، واعتدالها .
وعبارة البيجوري : المعنى : أن محل اضطجاعه (وهو الجنب) : كشطبة مسلولة من الجريد ، "في الدقة" . فهو خفيف اللحم ، دقيق الخصر . كالشطبة المسلولة من قشرها . انتهى.
والاقتصار على هذا المعنى فقط : يشير إلى ترجيح ذلك . وكنت "بدقة المضجع" : عن هزالته ، وقلة لحمه . وهو وصف ممدوح في الرجال ، لما يلزمه : من خفة الحركات ، والمضي في الأمور . بخلاف اللحيم الشحيم ؛ فإنه يكون كسلان ، متبلدا .
ولا يبعد : أن يراد "بدقة المضجع" : نومه على منكب واحد . فإن من ينام على منكب واحد : يكون مضجعه دقيقا . بخلاف المستلقي . وهو الظاهر . ويكنى به عن قلة النوم ، والتيقظ . كما في "التحفة" . (وتشبعه ذراع الجفرة) بضم التاء . من "الإشباع" .
و "الذراع" : مؤنثة . وقد تذكر .
[ ص: 471 ] "والجفرة" ، بفتح الجيم ، وسكون الفاء : هي الأنثى ، من أولاد المعز . وقيل : من الضأن. وهي ما بلغت : "أربعة أشهر" وفصلت عن أمها ، وأخذت في الرعي . ويقال : "لولد الضأن أيضا" ، إذا كان ثنيا.
وفي (القاموس) : "الجفر من أولاد الشاء" : ما عظم ، واستكرش . أو بلغ : "أربعة أشهر" . انتهى .
والذكر "جفر" : لأنه جفر جنباه . أي : عظما .
قال : قال عياض ، وغيره : "الجفرة" : من أولاد المعز . أبو عبيد
وقال ، ابن الأنباري وابن دريد : من أولاد الضأن .
قال النووي : والمراد : أنه قليل الأكل . والعرب تمدح به .
وقال البيجوري : المراد : أنه ضوي ، مهفهف ، قليل اللحم ؛ على نحو واحد على الدوام . وذلك شأن الكرام .
قال (صاحب التحفة) : "الذراع" ؛ ما فوق الكراع : من الغنم ، والبقر . يؤنث . ولذا أنث الفعل . انتهى .
وزاد : "ويرويه فيقة اليعرة ، ويميس في حلة النترة" . ابن الأنباري
"فيرويه" : من "الإرواء" .
"والفيقة ، بكسر الفاء : ما يجتمع في الضرع بين الحلبتين .
"واليعرة" بفتح الياء : "العناق" .
[ ص: 472 ] "ويميس" بمعنى : "يتبختر" .
"والنترة" بالنون المفتوحة ، والتاء الساكنة : "الدرع اللطيفة" .
وقيل : "اللينة الملمس" . والحاصل : أنها وصفته بهيف القد، وأنه ليس ببطين ولا جاف ، وأنه قليل الأكل والشرب ، ملازم لآلة الحرب ، يختال في موضع القتال . وذلك مما تتمادح به العرب .
(بنت أبي زرع ) . لما مدحت "أبا زرع" ، وأمه ، وابنه : انتقلت إلى مدح بنته .
(فما بنت أبي زرع ؟) . أي : هي شيء عظيم . فالمقصود بالاستفهام : التعظيم . ولم تسم البنت المذكورة .
(طوع أبيها ، وطوع أمها) . أي : مطيعة لهما غاية الإطاعة ، منقادة لأمرهما نهاية الانقياد ؛ فلا تخرج عن أمرهما ورأيهما . ولذلك بالغت فيها ، وجعلتها : نفس الطوع.
وأعادت "طوع" مع الأم ، ولم تقل : "طوع أبيها وأمها" : إشارة إلى أن طاعة كل منهما : مستقلة .
قال (في التحفة الصديقية) : قدمت إطاعة الأب ، على إطاعة الأم : إشعارا بأنها على خلاف سائر البنات ؛ فإنها تخدم الأمهات في غالب الأمر . قال : وأتت بالطوع الثاني : إيذانا بأن إطاعة الأم ، لم تكن مندرجة في إطاعة الأب ، بل مستقلة .
قال : وقد استدل بعض الأولياء ، بقوله تعالى : وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول [ ص: 473 ] على أن مستقلة - وكان قد سافر إلى الحج - : فرجع إلى بيته بعد ما فرغ من فرض الحج ، ثم سافر إلى طاعة الرسول المدينة بعزم مستقل . فويل للذين يحجون ولا يزورون . انتهى .
وأقول : ما أبرد هذا الاستدلال : على فرض قبول إطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالاستقلال : في هذه المسألة . أي : مسألة الزيارة ! فإن طاعة الرسول : إنما تجب فيما طلب منا الامتثال فيه ، والإتيان به . وأما السفر إلى زيارته : فلم يدل دليل على طلبه منها ، ولم يرد في هذا الباب : خبر مرفوع ، ولا مسند . نعم؛ من دون ندب إليه . ومنها : مسجده صلى الله عليه وآله وسلم . فمن سافر إليه ، ونزل في جوز السفر إلى ثلاثة مساجد، المدينة المكرمة : فقد استحب له : الزيارة . فإنها مستحبة ، أو مسنونة : لكل أحد من المسلمين "عبرة من حال الموتى" ، ودعاء لهم، وزهدا في الدنيا . وهذا مسلم . فكيف بزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ بأبي هو وأمي . حكم زيارة كل ميت
وكم موضع في الكتاب والسنة : جعل الشارع فيه طاعة أحدهما : طاعة الآخر . ولا شك : أن . وطاعة كل واحد منهما : مستلزمة لطاعة الآخر ، فلا يتم الاستدلال على الدعوى . ولم توافق الدعوى الدليل . ولم يزل استدلال أهل البدع - على بدعهم -: طاعة الله تعالى ، في طاعة رسوله
[ ص: 474 ] هكذا ، أجنبيا عن المقام ، غير صادق على المرام .
وإنما جاء هذا الشوم : من ترك السنة ، وإيثار البدعة .
والذي عليه أهل الحق - في كل قطر وزمان - : هو أن التمسك بالسنة اليسيرة، خير من إحداث البدعة الحسنة . وبالله التوفيق . وهو المستعان ، وخير رفيق .
"فالطوع" مصدر : "طاع له" ، إذا انقاد له . ويستعمل مضافا ، بمعنى : "المنقاد" . يقال : "هو طوع يديك" . أي : منقاد لك . و "فرس طوع العنان" : إذا كان ذلولا منقادا.
زاد : "وزين أهلها ونسائها" . أي : يتجملون بها . الزبير
(وملء كسائها) : لامتلاء جسمها ، وسمنها . أي : ممتلئة الجسم سمينته .
وعبارة البيجوري : أي : مالئة لكسائها ؛ لضخامتها وسمنها . وهذا ممدوح في النساء. ولا ينافيه : رواية : "وصفر ردائها" ، بكسر الصاد، وسكون الفاء . أي : خالية ردائها فارغته . لأن المراد : أنها : ضامرة البطن ، خفيفة أعلى البدن : الذي هو محل الرداء . لأن الرداء ينتهي إلى [ ص: 475 ] البطن . فلا ينافي أنها ممتلئة أسفل البدن ، الذي هو محل الإزار . كما في الرواية : "وملء إزارها" . فيكون "المراد بالكساء في الرواية السابقة" : الإزار . وفيه بعد .
والأولى أن يراد : أنها - لامتلاء منكبيها ، وقيام ثدييها - : يرتفع الرداء عن أعلى جسدها، فلا يمسه ، فيبقى خاليا ، بخلاف أسفلها . قاله . فهذا هو المراد بقولها : "وصفر ردائها" . انتهى. عياض
وقال (في التحفة) : "الملء" بالكسر : ما يأخذه الإناء ، عند الامتلاء . أي : يأخذها كساؤها فيمتلئ بها . وهو كناية عن : "سمينة النصف الأعلى من البدن" ؛ كالصدر والعضدين ، والمنكبين . كما أن ملء الإزار كناية عن : "ضخيمة النصف الأسفل" ، كالردفين ، والفخذين ، والساقين . وكلاهما : مدح في النساء .
قال: وبالجملة : توصف النساء عندهم : بالعبالة، والسمانة ؛ لما أن "الهزال" ، غالب على رجالهم . والمهزول لا يلتذ بملامسة [ ص: 476 ] المهزول .
على أن السمن في النساء : يورث "ضيق الفرج" . ولذلك تراهم : يذمون فرجا مهزولا. قال ابن ميادة :
وتبدي الحميسيات في كل زينة فروجا كآثار الصغار من البهم
.(وغيظ جارتها) . "الغيظ" : مصدر "غاظه" ، إذا أغضبه متعمد.
قال النووي : قالوا : المراد بجارتها : ضرتها ، يغيظها ما ترى من : حسنها ، وجمالها ، وعفتها ، وأدبها .
وفي الرواية الأخرى : "وعقر جارتها" . هكذا هو في النسخ : "بفتح العين ، وسكون القاف" . قال : كذا ضبطناه عن جميع شيوخنا . عياض
وضبطه الجياني : "عبر" : بضم العين ، وإسكان الباء . وكذا ذكره " " . وكأن ابن الأعرابي الجياني : أصلحه من "كتاب الأنباري" . وفسره الأنباري بوجهين ؛
أحدهما : أنه من "الاعتبار" . أي : ترى من حسنها ، وعقلها : ما تعتبر به .
[ ص: 477 ] والثاني : من "العبرة" ، وهي البكاء . أي : ترى من ذلك : ما يبكيها لغيظها ، وحسدها .
ومن رواه "بالقاف" ، فمعناه : "تغيظها" ، فتصير "كمعقور" .
وقيل : "تدهشها" . من قولهم : "عقر" إذا دهش . انتهى.
قال الشيخ إبراهيم البيجوري : معناه : "مغيظة لجارتها" .
والمراد : "ضرتها" .
وسميت "جارة" : للمجاورة بين الضرتين غالبا ، فتغيظ ضرتها : لغيرتها منها ، بسبب مزيد جمالها وحسنها .
قال: وفي رواية : "عقر جارتها" ، أي : هلاكها؛ من الغيظ، والحسد .
قال (صاحب التحفة) : "الجارة" : تطلق على "الضرة" . ومنه : قول عمر بن الخطاب : "لا يغرنك : أن كانت جارتك" - يريد بها لحفصة -. ومنه : قول عائشة جمل بن مالك : "كنت بين جارتين" . أي : "ضرتين" . قال القسطلاني : وعند ، في رواية : "حقر جارتها" بفتح الحاء . أي : دهشتها ، أو قتلها . مسلم
[ ص: 478 ] : "وحين جارتها" بفتح الحاء . أي : هلاكها . وللطبراني
انتهى.
وفي رواية : "وزين أهلها ونسائها" . وزاد : "قباء ، هضيمة الحشا، جائلة الوشاح ، عكناء ، فعماء ، نجلاء ، دعجاء ، زجاء ، قنواء ، مؤنقة ، مفنقة" . ابن السكيت
فقولها: "قباء" بتشديد الباء . أي : "ضامرة البطن" .
و "هضيمة الحشا" بمعنى : "ضامرة" أيضا .
و "جائلة الوشاح" . أي : يدور وشاحها ، لضمور بطنها..
و "الوشاح" : بالضم ، والكسر. قال في القاموس : كرسان من لؤلؤ وجوهر ، منظومان ، يخالف بينهما ، معطوف أحدهما على الآخر . أو أديم [ ص: 479 ] عريض مرصع بالجوهر : تشذه المرأة بين عاتقها، وكشحيها . وهي غرئى الوشاح هيفاء .
"وعكناء" . أي : "ذات عكن" . وهي طيات بطنها .
"وفعماء" أي : ممتلئة الأعضاء .
"ونجلاء" : واسعة العين.
"ودعجاء" من - الدعج -: شدة سواد العين ، في شدة بياضها .
"وزجاء" بتشديد الجيم من - الزجج- : وهو تقويس الحاجب ، مع طول في أطرافه وامتداده .
وقيل بالراء ، بدل الزاي . أي : "كبيرة الكفل" يرتج من عظمه .
"وقنواء" من "القنو" : طول في الأنف ، ورقة الأرنبة، مع حدب في وسطه .
[ ص: 480 ] "ومؤنقة" بتشديد النون : من "الشيء الأنيق المعجب" .
و "مفتقة" : بوزنه : أي : مغذية بالعيش الناعم . وكلها - كما لا يخفى - : أوصاف حسان . قاله القسطلاني .
وأقول : إن شئت أن تقف على محاسنهن ومساويه ، عند العرب : فعليك أن تطالع "كتاب المبتكر ، في بيان المؤنث والمذكر" المؤلف في زماننا هذا المتأخر؛
فقد اشتمل من ذلك و على كل ما هنالك . وفيه كل ما تشتهيه الأنفس ، وتلذ به الأعين . وأما هذه الأوصاف المذكورة هنا : فقد تكلم عليها "صاحب التحفة" وزاد عليها أشياء ، لا تخلو عن فائدة ، فراجعها .
(جارية أبي زرع ) . لما مدحت من تقدم : انتقلت إلى مدح "جارية أبي زرع " . أي : مملوكته . ولم تسم. (فما جارية أبي زرع ) أي : هي شيء عظيم . فالاستفهام للتعظيم .
(لا تبث) بضم الباء ، وتشديد الثاء . أي : لا تفشي (حديثنا) .
أي : لا تشيعه وتظهره ، بل تكتم سرنا وكلامنا كله. (تبثيثا) .
[ ص: 481 ] وروي في غير : "تنث" بالنون . قال مسلم النووي : وهو قريب من الأول . أي : لا تظهره .
ولفظ البيجوري : بالباء في الفعل والمصدر . أو بالنون فيهما . والمعنى على كل : لا تنشر كلامنا الذي نتكلم به فيما بيننا نشرا ، لديانتها .
قال (في التحفة) : "البث" : نشر الخبر ، كالإبثاث ، والتبثيث .
ومثله : "النث" بالنون . والشرط في الفعل والمفعول المطلق : اتحادهما في المجرد ، وعليه قوله تعالى : وتبتل إليه تبتيلا .
قال القسطلاني : "تبثيثا" مصدر من : "بثث" بوزن : "فعل" بالتشديد ، للمبالغة . أي: تكتمه .
(ولا تنقث) : بضم التاء ، وفتح النون ، وكسر القاف المشددة ، بعدها ثاء . أي : لا تخرج . أو لا تفسد . أو لا تسرع بالخيانة . أو لا تذهب بالسرقة : (ميرتنا) بكسر الميم ، وسكون الياء . أي : زادنا (تنقيثا) مصدر .
قال النووي : "ميرتنا" الميرة : الطعام . ومعناه : لا تفسده ، ولا تفرقه ، ولا تذهب به .
وعبارة البيجوري : أي لا تنقل طعامنا نقلا ؛ لأمانتها ، وصيانتها .
قال (في التحفة) : "النقث" : النقل - كما في "الفائق" - والحفر عن الشيء المدفون ، والإسراع ، واستخراج المخ من العظم . كالتنقيث .
وروي : "لا تنفث" بالفاء . من : "نفث الدم" . المصدر : [ ص: 482 ] "التنفيث" استعارة : للإخراج .
(ولا تملأ بيتنا تعشيشا) بالعين المهملة . أي : لا تترك الكناسة والقمامة فيه "مفرقة" ، كعش الطائر ، بل هي مصلحة للبيت ، معتنية بتنظيفه .
وقيل : معناه : لا تخوننا في طعامنا : فتخبئه في زوايا البيت ، كأعشاش الطير .
وروي - في غير - : بالغين المعجمة، من "الغش في الطعام" . وقيل : من "النميمة" أي : لا تتحدث بنميمة . هذا لفظ مسلم النووي . ومثله في القسطلاني ، وزاد : وقيل : تريد "عفاف فرجها ، وعدم فسقها" .
وقال البيجوري : تنظفه - أي بيتنا - لشطارتها . أو لا تسعى بيننا بالغش ، لصلاحها . فهي ذات ديانة ، وأمانة ، وشطارة ، وصلاح .
قال صاحب التحفة : وروي : "لا تقش تقشيشا" من "قش الرجل" : إذا أكل من ههنا ، وههنا . كقشش .
قال: "والميرة" : الطعام المجلوب من بلد إلى بلد .
و "الطعام" : البر عرفا ، وكل ما يؤكل لغة .
[ ص: 483 ] "والتعشيش" : أن يجمع "الطائر" : دقاق الحطب ، في أفنان الشجر ، ويتخذ منه "العش" . ويلزمه : النقل من موضع إلى موضع . فإن الجمع لا يتصور بدون النقل . أي : لا تملأ بيتنا من فعل يشبه تعشيش الطائر . فلا تنقل منه شيئا إلى الخارج ، ولا تجمع فيه شيئا من الخارج . أي لا تسرق منا ، ولا من غيرنا .
وروي : "ولا تعشش" . أي - موضع "ولا تملأ" . وهذا أنسب لفظا للجمل السابقة.
وروي : "ولا تغش بيتنا تغشيشا" . من "غشه" ، إذا لم يمضه النصح ، أو أظهر خلاف ما أضمر في نفسه .
وحاصل الكل : أنها متصفة "بالأمانة" . وهي صفة جامعة .
قال القسطلاني : وزاد الهيثم بن عدي: "ضيف أبي زرع ، فما ضيف أبي زرع ؟ في شبع وري ، ورتع . طهاة أبي زرع ، فما طهاة أبي زرع ؟ لا تفتر ولا تعدي : تقدح قدرا وتنصب أخرى، فتلحق الآخرة بالأولى . مال أبي زرع ، فما مال أبي زرع على الجمم معكوس ، وعلى العفاة محبوس" .
[ ص: 484 ] قوله : "رتع" . أي : تنعم ومسرة .
و "الطهاة" بضم الطاء : الطباخون . "لا تفتر" بسكون الفاء وضم التاء . أي : لا تسكن ، ولا تضعف .
"وتعدي" بضم التاء ، وتشديد الدال . أي : لا تترك ذلك ولا تتجاوز عنه .
"وتقدح" أي : تفرق . "وتنصب" أي : ترفع على النار .
"والجمم" جمع "جمة" : القوم يسألون في الدية .
"ومعكوس" أي : مردود .
و "العفاة" بضم العين : السائلون .
"ومحبوس" أي : موقوف عليهم .
ذكر في "التحفة" هذه الزيادة ، وشرحها بالبسط. فراجعه .
(قالت) أم زرع : (خرج) زوجي ( أبو زرع ) من عندي . أتت بالمسند إليه ظاهرا ولم تكتف بالضمير ، لبعد المرجع ، وليتمكن في ذهن السامع ، ولتلتذ باسمه .
(والأوطاب) : جمع "وطب" : بفتح الواو وإسكان الطاء ، وهو جمع قليل النظير .
[ ص: 485 ] وفي رواية في غير : "والوطاب" وهو الجمع الأصلي ، وهي "أسقية اللبن" التي يمخض فيها . وقال مسلم : هو جمع "وطبة" . قاله أبو عبيد النووي .
قال القسطلاني : "الأوطاب" : زقاق اللبن . واحدها : "وطب" على وزن "فلس" . فجمعه على "أفعال" ، مع كونه صحيح العين : نادر . والمعروف : "وطاب" في الكثرة . و "أوطب" ، في القلة . زاد البيجوري : "ووطوب" كفلوس .
والواو للحال . أي خرج ، والحال أن زقاق اللبن (تمخض) : بالخاء والضاد المعجمتين ، مبنيا للمفعول . أي : ليؤخذ زبد اللبن .
ويحتمل : أنها أرادت أن خروجه ، كان "غدوة" . وعندهم الخير الكثير من اللبن الغزير ، بحيث يشربه صريحا ومخيضا. ويفضل عندهم ، حتى يمخضوه ويستخرجوا زبده.
ويحتمل : أنها أرادت : أن الوقت الذي خرج فيه ، كان زمن الخضب والربيع . وكان خروجه ؛ إما لسفر، أو غيره . فلم تدر ما يحدث لها بسبب خروجه .
[ ص: 486 ] قال البيجوري : والمراد أنه خرج في حال كثرة اللبن ، وذلك حال خروج العرب للتجارة .