الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4598 باب في من رأى النبي، صلى الله عليه وآله وسلم

                                                                                                                              أو رأى أصحاب النبي، صلى الله عليه وآله وسلم

                                                                                                                              أو رأى من رأى أصحاب النبي، صلى الله عليه وآله وسلم

                                                                                                                              وقال النووي: (باب فضل الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي، ص 84 ج 16، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن جابر، قال: زعم أبو سعيد الخدري، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "يأتي على الناس زمان، يبعث منهم البعث، فيقولون: انظروا؛ هل تجدون فيكم أحدا من أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فيوجد الرجل: فيفتح لهم به.

                                                                                                                              ثم يبعث البعث الثاني، فيقولون: هل فيهم من رأى أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فيفتح لهم به.

                                                                                                                              ثم يبعث البعث الثالث، فيقال: انظروا؛ هل ترون فيهم من رأى من رأى أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم؟

                                                                                                                              ثم يكون البعث الرابع، فيقال: انظروا؛ هل ترون فيهم أحدا، رأى من رأى أحدا رأى أصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فيوجد الرجل: فيفتح لهم به").


                                                                                                                              [ ص: 684 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 684 ] (الشرح)

                                                                                                                              عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله، صلى الله عليه) وآله (وسلم: يأتي على الناس زمان، يبعث منهم البعث).

                                                                                                                              وفي رواية أخرى: "فيغزو فئام من الناس".

                                                                                                                              "وفئام" بكسر الفاء. بمعنى: "جماعة".

                                                                                                                              (فيقولون: انظروا؛ هل تجدون فيكم أحدا من أصحاب النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم ؟ فيوجد الرجل: فيفتح لهم به). أي: بسببه.

                                                                                                                              وفي أخرى: "فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم".

                                                                                                                              (ثم يبعث البعث الثاني، فيقولون: هل فيهم من رأى أصحاب النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم؟ فيفتح لهم به).

                                                                                                                              وفي أخرى: "ثم يغزو فئام من الناس، فقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب النبي، صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم".

                                                                                                                              [ ص: 685 ]

                                                                                                                              (ثم يبعث البعث الثالث، فيقال: انظروا؛ هل ترون فيهم من رأى من رأى أصحاب النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم؟).

                                                                                                                              وفي أخرى: "ثم يغزو فئام من الناس، فقال لهم: فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم".

                                                                                                                              (ثم يكون البعث الرابع، فيقال: انظروا؛ هل ترون فيهم أحدا، رأى من رأى أحدا رأى أصحاب النبي، صلى الله عليه) وآله (وسلم؟ فيوجد الرجل، فيفتح لهم).

                                                                                                                              قال النووي: في هذا الحديث معجزات لرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وفضل الصحابة، والتابعين، وتابعيهم. "والبعث" هنا: الجيش. انتهى.

                                                                                                                              قلت: الحديث دال على فضيلة القرون الثلاثة، المشهود لها بالخير. وعلى أن وجود الصلحاء في الأمة سبب عظيم للفتح لهم.

                                                                                                                              وقال في الفتح: فيه رد على من زعم وجود الصحبة، في الأعصار المتأخرة؛ لأنه يتضمن استمرار الجهاد والبعوث إلى بلاد الكفار، وأنهم يسألون: هل فيكم أحد من الصحابة؟ فيقولون: لا. وكذلك في التابعين، وأتباعهم. وقد وقع كل ذلك فيما مضى. وانقطعت البعوث عن [ ص: 686 ] بلاد الكفار في هذه الأعصار، بل انعكس الحال في ذلك، على ما هو معلوم مشاهد، من مدة متطاولة، ولا سيما في بلاد الأندلس.

                                                                                                                              وقد ضبط أهل الحديث آخر من مات من الصحابة، وهو على الإطلاق: "أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي" كما جزم به مسلم في صحيحه.

                                                                                                                              وكان موته سنة مائة، أو سبع ومائة، أو ست عشرة ومائة. وهو مطابق لقوله، صلى الله عليه وآله وسلم -قبل وفاته بشهر- "على رأس مائة سنة، لا يبقى على وجه الأرض -ممن هو عليها اليوم- أحد" انتهى.

                                                                                                                              [ ص: 687 ]

                                                                                                                              بتوفيق الله تعالى انتهى الجزء التاسع، من كتاب السراج الوهاج، ويليه إن شاء الله الجزء العاشر. وأوله: (باب خير القرون: قرن الصحابة، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).




                                                                                                                              الخدمات العلمية