فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .
[11] فاطر السماوات والأرض أي: خالق الآفاق.
جعل لكم من أنفسكم أي: من جنسكم. قرأ أبو عمرو، ورويس عن (جعل لكم) بإدغام اللام الأولى في الثانية. يعقوب:
أزواجا حلائل، وليس الأزواج ها هنا الأنواع ومن الأنعام أزواجا ذكرا وأنثى; إكراما لكم.
يذرؤكم يخلقكم، والضمير للأناسي والأنعام، فغلب الأناسي.
فيه في هذا التدبير، وهو جعل الناس والأنعام أزواجا يكون بينهم توالد.
ليس كمثله أي: ليس كهو شيء يزاوجه ويناسبه، والمراد من (مثله): ذاته، والشيء: عبارة عن الموجود، قال "ليس له نظير" فالتوحيد إثبات ذات غير مشبهة للذوات، ولا معطلة من [ ص: 177 ] الصفات، ليس كذاته ذوات، ولا كاسمه اسم، ولا كفعله فعل، ولا كصفته صفة، إلا من جهة موافقة اللفظ اللفظ، وجلت الذات القديمة أن تكون لها صفة حديثة; كما استحال أن تكون للذات المحدثة صفة قديمة، وحيث تراءى في مرآة القلب صورة، أو خطر بالخاطر مثال، أو ركنت النفس إلى كيفية، فليجزم بأن الله بخلافه; إذ كل ذلك من سمات الحدوث; لدخوله في دائرة التحديد والتكييف اللازمين للمخلوق، المنزه عنهما الخالق تعالى، ولقد أقسم سيد الطائفة ابن عباس: الجنيد بأنه ما عرف الله إلا الله.
وهو السميع البصير لكل ما يسمع ويبصر.
* * *