سورة الطلاق
وتسمى: سورة النساء القصرى، وهي مدنية، وآيها: اثنتا عشرة آية، وحروفها: ألف وستون حرفا، وكلمها: مئتان وتسع وأربعون كلمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا .
[1] يا أيها النبي إذا طلقتم النساء أفرد - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب أولا تعظيما لشأنه، وجمع ثانيا مع أمته تشريفا لهم. قرأ (النبيء إذا) بالهمز والمد، وتسهيل الهمزة الثانية، وقرأ الباقون: بتشديد الياء بغير مد ولا همز، وتحقيق الهمزة الثانية، المعنى: إذا أردتم تطليقهن. نافع:
فطلقوهن لعدتهن أي: لطهرهن الذي يحصينه من عدتهن، وهو [ ص: 82 ] أول طهر تعتد به، والمراد: أن يطلقها في طهر لم يصبها فيه، وهو طلاق السنة.
نزلت هذه الآية في -رضي الله عنهما، كان قد طلق امرأته في حال الحيض، فقال - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء". عبد الله بن عمر قرأ عن ورش (طلقتم) (فطلقوهن) بتغليظ اللام، وكذلك كل لام مفتوحة مخففة أو مشددة إذا تقدمها صاد أو طاء أو ظاء بفتح أو سكون، وعنه خلاف في (طال) و (فصالا) ، وتقدم حكم الطلاق السني والبدعي ومذاهب الأئمة فيه في سورة الأحزاب عند تفسير قوله تعالى: نافع: سراحا جميلا [الآية: 49].
وأحصوا العدة اضبطوها، واحفظوا عدد أقراء العدة ثلاثا مستقبلات بلا نقصان؛ لتعلموا وقت الرجعة إن أردتم أن تراجعوهن؛ لأن الرجعة إنما تجوز في زمان العدة إذا كان الطلاق رجعيا بالاتفاق.
واتقوا الله ربكم في الإضرار بهن.
لا تخرجوهن من بيوتهن اللاتي يسكنها إذا طلقتموهن حتى تنقضي عدتهن، فإذا كان الطلاق رجعيا، فللزوجة السكنى بمنزل الطلاق، وليس لها الخروج منه حتى تنقضي عدتها بالاتفاق، وأما إذا كان الطلاق بائنا، فعند الحق في إسكانها للزوج، فيسكنها حيث شاء مما يصلح [ ص: 83 ] لها؛ تحصينا لفراشه، ولو لم تلزمه نفقة، وعند الثلاثة: يلزمها التربص بمنزل الطلاق إلى انقضاء العدة. أحمد:
ولا يخرجن بغير اختبارهن.
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة أي: زنا، فيخرجن لإقامة الحد، ثم يعدن.
قرأ ابن كثير، عن وأبو بكر (مبينة) بفتح الياء، والباقون: بكسرها. عاصم:
وتلك الأحكام المذكورة حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لتعريضها للعقاب. قرأ أبو عمرو، وابن عامر، وورش، وحمزة، والكسائي، (فقد ظلم) بإدغام الدال في الظاء، والباقون: بالإظهار. وخلف:
لا تدري أيها النبي لعل الله يحدث بعد ذلك الطلاق.
أمرا أي: رغبة في الرجعة، وهذا دليل على استحباب تفريق الثلاث.