[ ص: 369 ] يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون .
[11] ونزل في حين سأل رجلا: من أنت؟ فقال: ابن فلان، فقال ثابت بن قيس ثابت: أنت ابن فلانة، فخجل الرجل; لأنه كان يعير بها في الجاهلية: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم أي: رجال من رجال، والقوم: الرجال خاصة; لأنهم القوام على النساء، جمع قائم، ويسخر معناه: يستهزئ.
عسى أن يكونوا خيرا منهم المعنى: اجتنبوا السخرية، فربما كان المستسخر به خيرا عند الله من الساخر.
ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ونكر (قوم) و(نساء) ليعم النهي قبيلهما، ولم يقل: رجل من رجل، ولا امرأة من امرأة; أي: فرد من فرد; لأن السخرية تكون غالبا بين جمع.
عن أنها نزلت في ابن عباس: صفية بنت حيي بن أخطب، قال لها النساء: يهودية بنت يهوديين، فشكت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لها: "هلا قلت: إن أبي هارون، وعمي موسى، وزوجي محمد". [ ص: 370 ]
ولا تلمزوا أنفسكم لا يعيب بعضكم بعضا. قرأ (تلمزوا) بضم الميم، والباقون: بكسرها. يعقوب:
ولا تنابزوا بالألقاب النبز: اللقب، واللقب: ما يسمى به الإنسان بعد اسمه العلم، يعم المدح والذم، والتنابز: هو أن يدعى الإنسان بغير ما سمي به مما يكرهه، المعنى: لا تلقبوا غيركم بالألقاب القبيحة; كالفاسق ونحوه، ولا تنادوه بها. قرأ عن البزي (ولا تنابزوا) ابن كثير: ولا تجسسوا (لتعارفوا) بتشديد التاء في الثلاثة، والباقون: بالتخفيف.
بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان أي: بئس الذكر المرتفع للمؤمنين أن يذكروا بالفسق بعد دخولهم بالإيمان، واشتهارهم به.
ومن لم يتب عما نهي عنه فأولئك أي: الساخرون واللامزون.
هم الظالمون بوضع العصيان موضع الطاعة. قرأ أبو عمرو، والكسائي، وخلاد عن بخلاف عنه: (يتب فأولئك) بإدغام الباء في الفاء، والباقون: بالإظهار. حمزة